الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر أقصى مدة الحمل الموجودة في النساء

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في أقصى مدة الحمل: فقالت طائفة: أقصى مدته: سنتين. روي هذا القول عن عائشة، وروي عن الضحاك، وهرم بن حيان أن كل واحد منهما أقام في بطن أمه سنتين. وهذا قول سفيان الثوري أن أقصى ما تلد النساء سنتين .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن مدة الحمل قد تكون: ثلاث سنين. روينا عن الليث بن سعد أنه قال: حملت مولاة (لعمرو بن عبد الله) : ثلاث سنين .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو أن أقصى مدته تكون أربع سنين هكذا قال الشافعي، واختلف عن مالك فالمشهور عنه عند أصحابه مثل ما قال الشافعي . وحكى الماجشون عنه ذلك، قال: ثم رجع عنه لما بلغه قصة المرأة التي وضعت لخمس سنين. وفي قول سواه وهو أن مدة الحمل قد تكون خمس سنين. حكي عن عباد بن العوام أنه قال: ولدت امرأة معنا في الدار لخمس سنين، قال: فولدت وشعره يضرب إلى هاهنا وأشار إلى العنق، قال: ومر به طير فقال: هش. وقد حكي عن ابن عجلان: أن امرأته كانت تحمل خمس سنين . [ ص: 520 ]

                                                                                                                                                                              وفيه قول خامس قاله الزهري : أن المرأة تحمل ست سنين، وسبع سنين، فيكون ولدها (محشوشا) في بطنها، قال: وقد أتي سعيد بن عبد الملك بامرأة حملت سبع سنين .

                                                                                                                                                                              وقالت فرقة: لا يجوز في هذا الباب التحديد، والتوقيت بالرأي، لأنا وجدنا أدنى الحمل أصلا في تأويل الكتاب وهو الأشهر الستة، وذلك لقول الله - تبارك وتعالى - ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) ، ثم قال - جل اسمه - : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) ، فصار الحولان وهما أربعة وعشرون شهرا وقت الرضاعة، وبقيت الستة للحمل. كذلك يروى عن ابن عباس أنه قاله لعثمان. قال: فنحن نقول بهذا، ونتبعه، ولم نجد لآخره وقتا، وهذا قول أبي عبيد، ودفع حديث عائشة وقال: المرأة التي روته عنها مجهولة .

                                                                                                                                                                              وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن المرأة إذا جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم تزوجها الرجل أن الولد غير لاحق به .

                                                                                                                                                                              فإن جاءت به لستة أشهر من يوم نكحها فالولد له . [ ص: 521 ]

                                                                                                                                                                              هذا قول مالك بن أنس، وأهل المدينة، وسفيان الثوري، وأهل الكوفة، والشافعي، وأصحابه، وأبو ثور، وغيره. وبه قال إسحاق، وحكي هذا القول عن ابن أبي ليلى، وربيعة، وابن شبرمة، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية