الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الظهار من المرأة الواحدة مرارا

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يظاهر من امرأته مرارا .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: عليه كفارة واحدة، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وعن الشعبي، وعطاء، وطاوس، وجابر بن زيد .

                                                                                                                                                                              7735 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن عثمان بن مطر، عن سعيد، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن علي قال: إذا ظاهر الرجل من امرأته مرارا في مجلس واحد فكفارة واحدة .

                                                                                                                                                                              وبه قال الزهري، ومالك بن أنس، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: عليه كفارات إذا ظاهر من امرأته مرتين وثلاثا يريد بكل واحدة منها ظهارا غير صاحبه، قيل: يكفر، وعليه في كل تظاهر كفارة كما يكون عليه في كل تطليقة تطليقة. ولو قالها متتابعة فقال: أردت ظهارا واحدا كان واحدا. هذا قول الشافعي، وقد كان يقول إذ هو بالعراق: عليه كفارة واحدة، وكان سفيان الثوري يقول: إذا كان يرددها فكفارة واحدة، وإن كان يريد بها يمينا أخرى يريد أن يغلظ فلكل واحدة كفارة . [ ص: 378 ]

                                                                                                                                                                              وفرقت طائفة ثالثة بين أن يظاهر منها في مجلس واحد أو مجالس متفرقة فقالت: إذا ظاهر الرجل من امرأته في مقاعد شتى في أمر واحد فكفارات شتى، وإن ظاهر منها في مقعد فكفارة واحدة. روي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال قتادة، وعمرو بن دينار .

                                                                                                                                                                              7736 - حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا حماد، حدثنا قتادة، عن خلاس، أن عليا قال: إذا ظاهر الرجل من امرأته في مقاعد شتى في أمر واحد فكفارات شتى، وإن ظاهر منها في مقعد فكفارة واحدة .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: إذا ظاهر الرجل مرتين أو ثلاثة في مجالس مختلفة فعليه لكل ظهار كفارة إلا أن يكون نوى الظهار، وإذا ظاهر منها في مجلس واحد ثلاث مرات أو أربع فعليه لكل ظهار كفارة، إلا أن يكون نوى الظهار الأول فعليه كفارة واحدة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ودفع أبو عبيد حديث علي وقال: لم يسمع خلاس منه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ومن حجة بعض من يرى أن عليه كفارة واحدة إجماعهم على أن من قذف مرارا أو زنى مرارا أن عليه حدا واحدا، وكذلك إذا وطئ من نكاحها نكاحا فاسدا مرارا كان مهرا واحدا، قال: وكذلك الظهار عليه كفارة واحدة إلا أن يكون عاد لما قال فإذا كان كذلك ثم تظاهر [ ص: 379 ] ثانيا فعليه كفارة أخرى، وهكذا الرجل يقذف الرجل فيحد له، أو يزني فيحد، ثم يقذف ثانيا أو يزني ثانيا فعليه حد ثان، مثل القول في الظهار سواء .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية