الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر المرء يشتغل بالعبادة عن حقوق الأهل

                                                                                                                                                                              كان سفيان الثوري يقول في المرأة تشكو زوجها أنه لا يأتيها، قال: له ثلاثة أيام ولها يوم وليلة.

                                                                                                                                                                              كذلك قال أبو ثور .

                                                                                                                                                                              وقال مالك في الذي يكف عن جماع امرأته من غير ضرورة ولا علة: لا يترك حتى يجامع أو يفارق على ما أحب أو كره؛ لأنه مضار بهذا.

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول: يؤمر بتقوى الله، وأن لا يضرها في الجماع، ولا يفرض عليه منه شيء بعينه، إنما يفرض نفقة، وسكنى، وكسوة، وأن يأوي إليها.

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: يؤمر أن يبيت عندها، ويفرض لها.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: أعلى شيء روي في هذا الباب وأحسنه حديث عمر بن الخطاب أن امرأة جاءت فقالت: يا أمير المؤمنين زوجي خير الناس، يقوم الليل، ويصوم النهار، والله إني لأكره أن أشكوه، وهو يعمل بطاعة الله، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

                                                                                                                                                                              فقال كعب بن سور : [ ص: 41 ] ما رأيت كاليوم شكوى أشد ولا عدوى [أجمل] فقال عمر: ما تقول؟ فقال: تزعم ليس لها من زوجها نصيب، قال: فإن فهمت ذلك فاقض بينهما، فقال: يا أمير المؤمنين [أحل] الله من النساء مثنى وثلاث [ورباع] فلها من كل أربعة أيام يوم، يفطر فيه ويقيم عندها، ومن كل أربع ليال ليلة يبيت عندها.

                                                                                                                                                                              7503 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي أنه قال: أتت امرأة عمر فقالت: يا أمير المؤمنين ...

                                                                                                                                                                              قول الله - جل ذكره - : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا ) الآية.

                                                                                                                                                                              كان علي بن أبي طالب يقول في هذه الآية: ذلك الرجل تكون له المرأتان فتعجز إحداهما أو تكون دميمة، فيصالحها على أن يأتيها كل ليلتين وثلاثة مرة.

                                                                                                                                                                              قال ابن عباس في هذه الآية: تكون المرأة عند الرجل قد كبرت وقد ولدت، فيقول لها: ترضين مني يوما في شهر أو أقل؟ فهو قوله: (أن يصالحا بينهما صلحا) فما اصطلحا عليه من ذلك فهو جائز. [ ص: 42 ]

                                                                                                                                                                              7504 - حدثنا علي بن الحسن، حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدي، حدثنا حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن خالد بن عرعرة قال: [لما] قتل عثمان ذعرني ذلك ذعرا شديدا، فعرضت لي حاجة في السوق، فإذا علي بن أبي طالب، فقام رجل فقال: أخبرنا عن هذه الآية: ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا ) قال: عن مثل هذا فسلوا، ذلك الرجل تكون له امرأتان فتعجز إحداهما أو تكون دميمة، فيصالحها أن يأتيها كل ليلتين أو ثلاثة مرة.

                                                                                                                                                                              7505 - حدثنا موسى، حدثنا خلف، حدثنا خالد، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قول الله - جل ذكره - : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما ) : ونشوزها أن تكون عنده المرأة قد كبرت وقد ولدت، فيقول لها: ترضين مني يوما في شهر أو أقل أو أكثر؟ فهو قوله: (أن يصالحا بينهما صلحا) فما اصطلحا عليه من ذلك فهو جائز. [ ص: 43 ]

                                                                                                                                                                              وقالت عائشة في هذه الآية: ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا ) .... الآية، قالت: هذه امرأة تكون دميمة، أو لا يحبها زوجها فتصالحه فتقول: لا تطلقني وأنت في حل من شأني.

                                                                                                                                                                              7506 - حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج، حدثنا حماد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة .

                                                                                                                                                                              وقد اختلف أهل العلم في الرجل ينكح المرأة ويصالحها على صلح ثم ترجع عنه.

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة من أهل العلم: لها أن ترجع في ذلك، وعليه أن يوفيها حقها، روي هذا القول عن عطاء، وكذلك قال سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد. [ ص: 44 ]

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: الصلح في ذلك جائز، وما أحفظ عنهم في الرجوع شيئا.

                                                                                                                                                                              وقال معمر: لها أن ترجع، وليس شرطهم بشيء، إذا شرط أن يؤثر عليها.

                                                                                                                                                                              وكان سفيان الثوري يقول: في الرجل ينكح المرأة على أن لك يوما، ولفلانة يومين: الشرط باطل.

                                                                                                                                                                              وكان الزهري يقول: أن يخطب الرجل المرأة ويشرط أن لها يوما ولفلانة يومين، ويقول: إنما الصلح بعد الدخول، وليس الصلح قبل الدخول.

                                                                                                                                                                              وفيه قال [الحسن في الرجل] إذا صالح المرأة على صلح من يومها، قال: إذا رضيت فليس لها أن ترجع.

                                                                                                                                                                              وكان مالك يكره أن تنكح المرأة ... بأنه يقسم لها ... الثلاث في الليالي ... [ ص: 45 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية