الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر تخيير الغلام بين الأبوين

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الوقت الذي يخير فيه الولد بين الأبوين.

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: الأم أحق بالجواري - يعني ينكحن ويدخل بهن - وإن حضن فالأم أحق بهن، وأما [الغلمان] فهي أحق بهم حتى يحتلموا، فإذا بلغوا الأدب أدبهم الأب عند أمهم.

                                                                                                                                                                              هذا قول مالك بن أنس .

                                                                                                                                                                              وروي عن الثوري أنه قال: الأم أحق بالغلام حتى يأكل وحده، وأحق بالجارية حتى تحيض، فإذا حاضت فالأب أحق الوالدين.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: يخير إذا صار ابن سبع سنين أو ثمان سنين، هكذا قال الشافعي .

                                                                                                                                                                              وقال إسحاق بن راهويه : يخير ابن سبع، هو حسن.

                                                                                                                                                                              وقال أحمد: إذا كبر يخير. [ ص: 89 ]

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : إذا أكل وحده ولبس وحده وتوضأ وحده خير، فمن اختار منهما كان معه.

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: الأم أحق بالغلام حتى يأكل وحده، ويلبس وحده، ويشرب وحده، وحكوا ذلك عن النخعي .

                                                                                                                                                                              وقالوا: الأم أحق بالجارية حتى تحيض، فإذا انتهوا إلى ذلك الوقت فأبوهم أحق بهم.

                                                                                                                                                                              7533 - وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه خير غلاما بين أبيه وأمه.

                                                                                                                                                                              7534 - وروي عن علي أنه خير غلاما بين أمه وعمه.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: أحسن شيء روي في هذا الباب حديث أبي هريرة .

                                                                                                                                                                              7535 - حدثنا إسحاق، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني زياد، عن هلال بن أسامة، أن أبا ميمونة [سليم] مولى من أهل المدينة، رجل صدق، قال: بينا أنا جالس عند أبي هريرة، فقال أبو هريرة : سمعت امرأة جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا قاعد عنده وقالت: يا رسول الله، فداك أبي وأمي، إن زوجي يريد أن يذهب بابنه، وقد سقاني من بئر أبي عنبة، وقد نفعني، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "استهما عليه" فقال زوجها: من يحاقني في ولدي يا رسول الله؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يا غلام هذا أبوك، وهذه أمك، فخذ يد أيهما شئت" فأخذ بيد أمه، فانطلقت به. [ ص: 90 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية