الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              مسائل من باب الخلع:

                                                                                                                                                                              سئل ابن القاسم عن خلع السكران أيجوز؟ قال: نعم. وحكي عن مالك أنه قال: طلاق السكران جائز . [ ص: 333 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وهذا يشبه مذاهب الشافعي إذ من قوله: أن طلاق السكران جائز. وبه قال أصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وحكى أبو ثور قولا آخر وهو: [أنه] جعله غير جائز قال: لأنهم لما لم يختلفوا في المجنون المطبق أن طلاقه وخلعه لا يجوز [وكانت] العلة في ذلك عندهم عدم العقل كان كذلك السكران .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في خلع المكره عليه .

                                                                                                                                                                              ففي قياس قول مالك: لا يجوز .

                                                                                                                                                                              كذلك قال ابن القاسم، وهو مذهب الشافعي، وبه قال أبو ثور .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي في الرجل يستكره حتى يخلع امرأته أو يطلقها: فذلك عليه جائز .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ومن قولهم أن إقراره ومنعه في حال الإكراه لا يلزمانه، ولو تكلم بالكفر مكرها عليه لم يلزمه فلم لا؟ كان خلعه كذلك، وما بين ذلك فرق والله أعلم .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل تكون له المرأتان يسألانه أن يطلقهما بألف فطلقهما في ذلك المجلس . [ ص: 334 ]

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: يقسم الألف على قدر ما تزوجهما عليه من المهر فيلزم كل واحدة ما أصابها من ذلك، هكذا قال أصحاب الرأي. وقال أبو ثور : على كل واحدة منهما مهر مثلها .

                                                                                                                                                                              [وللشافعي فيها قولان: أحدهما: أن الألف عليهما على قدر] مهور مثلهما. والآخر: أن على كل واحدة منهما مهر مثلها، لأن الخلع وقع لكل واحدة منهما بشيء مجهول .

                                                                                                                                                                              وإن ادعت المرأة أن الزوج خالعها وأنكر الزوج، وأقامت شاهدا أنه خالعها بألف، وشاهدا بخمسمائة، كانت شهادتهما باطلا، ولا يلزم الزوج شيء في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول .

                                                                                                                                                                              وإن أنكرت المرأة الخلع وادعاه الزوج، وقال: خالعتك بعبد فشهد شاهد أنه خالعها على عبد، وشاهد أنه خالعها على دنانير لزمه الطلاق الذي أقر به، ولم يلزمها من المال شيء في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وبه نقول . [ ص: 335 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية