الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الطلاق يجحده المطلق وقد سمعته زوجته

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في المرأة تسمع طلاقها ثم يجحد الزوج.

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: يستحلف ثم يكون الإثم عليه.

                                                                                                                                                                              كذلك قال الحسن البصري، والنخعي، والزهري.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: تفر منه ما استطاعت وتفتدي منه بكل ما أمكن.

                                                                                                                                                                              روي هذا القول عن جابر بن زيد، ومحمد بن سيرين .

                                                                                                                                                                              وقال [حماد] بن أبي سليمان: تفتدي منه، قال: أي تفر منه.

                                                                                                                                                                              وقال أحمد: تفتدي منه بما تقدر، وتهرب إن قدرت.

                                                                                                                                                                              وحكى أبو عبيد عن أهل العراق وسفيان الثوري كقول جابر بن زيد، وقال: آخذ بقول أهل التغليظ.

                                                                                                                                                                              وممن رأى أن تهرب منه ولا تقيم عنده: الثوري، والنعمان، ويعقوب. [ ص: 269 ]

                                                                                                                                                                              واختلفوا في استحلاف الرجل المدعى عليه الطلاق.

                                                                                                                                                                              فممن روينا عنه أنه قال يستحلف: ابن عمر، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والزهري، والأوزاعي، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. كذلك نقول.

                                                                                                                                                                              وهذا داخل في جملة قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه".

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن يستحلف كما يفعل في اللعان.

                                                                                                                                                                              روي ذلك عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث، قاله مالك، قال: لا يحلف بدعواها، فإن جاءت بشبهة من بينة ليست بقاطعة بشاهد واحد حلف، فإن حلف [خلي] بينه وبينها، ولم ينبغ لها أن (تهيأ) له، ولا تبدي له شيئا من شعرها ولا (عريتها) وهي تقدر على ذلك، ولا يصيبها إلا وهي مكرهة.

                                                                                                                                                                              واختلفوا في ميراثها منه إن توفي.

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: ترثه، كذلك قال الحسن.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن لها الميراث [إلا أن] تقر من بعد موته أنه كان طلقها ثلاثا البتة. [ ص: 270 ]

                                                                                                                                                                              هذا قول ابن أبي ليلى .

                                                                                                                                                                              وحكي ذلك عن ربيعة ويحيى بن سعيد.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: لا ميراث لها.

                                                                                                                                                                              كذلك قال قتادة، والشافعي، والنعمان، ويعقوب.

                                                                                                                                                                              وحكي ذلك عن عبيد الله بن الحسن، وكذلك نقول.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية