باب ذكر أولياء الدم الذين لهم القصاص والعفو
قال أبو بكر : اختلف أهل العلم في الأولياء الذين إليهم العفو ولهم القصاص .
فقالت طائفة : لجميع الورثة القصاص أو العفو ، فأي الورثة عفا صارت دية وبطل القود .
روينا عن عمر بن الخطاب أن رجلا رفع إليه قتل رجلا ، فأراد أولياء المقتول قتله ، فقالت أخت المقتول وهي امرأة القاتل : قد عفوت عن [ ص: 114 ] حصتي من زوجي . قال عمر : عتق الرجل من القتل .
9364 - حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب ، قال أخبرنا يعلى ، قال : حدثنا الأعمش ، عن زيد بن وهب ، قال : وجد رجل عند امرأته رجلا فقتلها فرفع إلى عمر فوجد عليها بعض إخوتها فتصدق عليه بنصيبه فأمر عمر لسائرهم بالدية .
9365 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب أن عمر بن الخطاب رفع إليه رجل قتل رجلا ، فأراد أولياء المقتول قتله ، فقالت أخت المقتول - وهي امرأة القاتل - : قد عفوت عن حصتي من زوجي ، فقال عمر : عتق الرجل من القتل .
9366 - وروينا عن إبراهيم ، والشعبي ، وعطاء ، وطاوس أنهم قالوا : عفو المرأة جائز في القتل . وكان عطاء والنخعي يقولان : عفو كل ذي سهم جائز . وقال الحكم وحماد : من عفا من رجل أو امرأة فإنه يدرأ عنه القتل .
قال أبو بكر : وهذا قول سفيان الثوري والشافعي ، وأحمد بن حنبل . [ ص: 115 ]
9367 - وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال : يستأنى بالصغير حتى يبلغ .
وبه قال ابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، والثوري ، وأحمد ، وإسحاق .
وقال أصحاب الرأي : إذا كان دم العمد بين رجلين فعفا أحدهما فللآخر حصته من الدية .
وقالت طائفة : ليس للنساء عفو . كذلك قال الحسن البصري ، وقتادة ، وروينا عن عمر بن الخطاب ، والحسن البصري ، وإبراهيم النخعي أنهم قالوا : ليس للزوج ولا للمرأة عفو في الدم .
9368 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا عبد الرحيم ، عن محمد بن سالم ، عن الشعبي ، عن عمر قال : الزوج والمرأة لا عفو لهما .
وقال الزهري ، وابن شبرمة : ليس للمرأة عفو . وممن قال ليس للنساء عفو في الدم ولا قسامة : ربيعة ، والليث بن سعد ، والأوزاعي ، ومن حجة من قال بالقول الأول حديث عائشة .
9369 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : أخبرنا بشر بن بكر ، عن الأوزاعي قال : حدثني حصن قال : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال : حدثتني عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من قال علي ما لم أقل فليتبوأ بيتا من النار " . قال : "وعلى المقتتلين أن [ ص: 116 ] ينحجزوا الأول فالأول ، وإن كانت امرأة " .
وقال إسحاق بن راهويه : فسره الذي رواه بقول : إذا عفت المرأة تصير دية .
وحدثني علي ، عن أبي عبيد قال : وقوله لأهل القتيل "أن ينحجزوا الأدنى فالأدنى وإن كانت امرأة" قال أبو عبيد : وذلك أن يقتل القتيل وله ورثة رجال ونساء فأيهم عفا عن دمه من الأقرب فالأقرب فعفوه جائز ، لأن قوله "أن ينحجزوا" أي : يكفوا عن القتل " .
قال أبو بكر : حصن الذي روى هذا الحديث لا يعرف له حديث غير هذا الحديث وهو مجهول ليس بمشهور تجب الحجة بروايته .


