الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الفريقين يفترقان عن قتيل لا يدرى من قتله

                                                                                                                                                                              وقد اختلف أهل العلم في الفريقين يقتتلان عن قتيل لا يعرف قاتله . فقالت طائفة : تكون ديته على الذين نازعوهم . هذا قول مالك بن أنس قال : فإن كان القتيل والجريح [من غير] الفريقين فعقله على [ ص: 443 ] الفريقين جميعا . وقال أحمد : إذا اقتتلوا فانكشفوا عن قتيل لا يدرى من قتله فالدية على عواقل الآخرين إلا أن يدعوا على رجل بعينه فتكون قسامة ، وكذلك قال إسحاق .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : وهو أن ديته على القريتين جميعا كذلك قال ابن أبي ليلى ، قال : هو على عاقلة الذين اقتتلوا جميعا إلا أن يدعي أولياء القتيل على غير أولئك ، وبه يأخذ يعقوب ، وقال سفيان الثوري في الرجلين يصطرعان فيجرح أحدهما صاحبه قال : يضمن كل واحد منهما صاحبه . وقال الأوزاعي : ما كان من جراحات أو دم من قتال العمية فلم يدر من قتله أن عقله على الفريقين جميعا إلا أن تقوم بينة من غير الفريقين أن فلانا من بينهم قتله فعليه القود أو القصاص ، وقد روينا عن عثمان بن عفان أنه قضى أن كل مقتتلين اقتتلا ضمن بينهما . وقال النعمان : وإذا اقتتل القوم فانجلوا عن قتيل لا يدرى أيهم أصابه ، فهو على عاقلة القبيلة التي وجد (فيهم) إذا لم يدع أولياء القتيل على غيرهم .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي في هذه المسألة : إن ادعى أولياؤه على أحد بعينه أو طائفة بعينها ، [أو قالوا] : قد قتلته إحدى الطائفتين لا يدرى أيهما [ ص: 444 ] قتله قيل [لهم] إن جئتم بما يوجب القسامة على إحدى الطائفتين أو بعضهم أو واحدا بعينه ، أو أكثر قيل (لهم) : أقسموا على واحد ، فإن لم تأتوا بذلك فلا عقل ولا قود ، ومن شئتم أن نحلفه لكم على قتله أحلفناه ، ومن أحلفناه أبرأناه . وقال الزهري في المصطرعين : نرى العقل تاما على الباقي منهما ، وتلك السنة فيما أدركنا .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية