الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر السكران يتكلم بالكفر

                                                                                                                                                                              واختلفوا في السكران يرتد . فقالت طائفة : يلزمه الارتداد . وهذا قول الشافعي ويعقوب . قال الشافعي : ولو ارتد وهو سكران ثم (تاب) وهو سكران لم يحل حتى يفيق فيتوب مفيقا ، وكذلك لا يقتل لو أبى الإسلام سكران حتى يفيق فيمتنع من التوبة مفيقا ، ولو ارتد سكران ثم مات قبل أن يتوب كان ماله فيئا ، ولو تاب سكران ثم مات ، ورثه ورثته [المسلمون] ماله .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وناقض النعمان في أمر السكران فقال في طلاقه ونكاحه وعتاقه ومكاتبته وحلفه وبيعه وشرائه : جائز . ويقام عليه حد الزنا والسرقة والقذف إذا فعل ذلك في حال سكره ، ويقتص منه إن قتل عامدا ، وكذلك قال يعقوب ، ثم ناقض النعمان فقال في السكران يرتد عن الإسلام : فليس ردته ردة ، هذا هذيان إذا كان لا يعقل لم يكن كفره كفرا ، لأن قلبه لم يعقد عليه . [ ص: 480 ]

                                                                                                                                                                              وقال يعقوب : هو كفر في الحكم كما أوجبنا عليه الحدود التي وصفت ، فكذلك يؤخذ بهذا ، ويلزمه فيه ما يلزم العاقل في حكمه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : فلو شاء قائل في كل ما ألزمه النعمان السكران من الطلاق والنكاح والعتاق وسائر ما ألزم السكران فيه ما يلزم الصحيح أن يقول : ذلك هذيان لقائله . وقال في السكران : يلزمه الكفر خلاف ما قال ، ثم لا يجد النعمان إلى التفرقة بين ذلك سبيلا غير التحكم الذي من شاء فعل كفعله .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد اختلف في طلاق السكران . وقد بينت الاختلاف فيه في كتاب الطلاق .

                                                                                                                                                                              9651 - حدثنا علي بن الحسن ، حدثنا عبد الله ، عن سفيان ، قال : أخبرني ابن أبي ذئب ، عن الزهري ، عن أبان بن عثمان ، عن عثمان قال : لا طلاق للسكران ، ولا المعتوه .

                                                                                                                                                                              وقد احتج بعض من لا يرى للسكران ردة بأن المكره على الكفر لما سقط حكم الكفر عنه لارتفاع مراده ، وجب كذلك أن يسقط حكم ارتداد السكران لارتفاع مراده .

                                                                                                                                                                              وفي قولهم إن السكران إذا ارتد لم يستتب في سكره ولم يقتل ، دليل على أن لا معنى لارتداده ، وقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الدماء ، وغير جائز أن [ ص: 481 ] تهراق دماء باختلاف لا حجة مع [من] رأى هراقة دمه من كتاب ولا سنة ولا إجماع .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية