الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              تضمين القائد والسائق والراكب بما أصابت الدابة بيدها أو رجلها

                                                                                                                                                                              [واختلفوا في تضمين القائد والراكب والسائق ما أصابت الدابة بيدها أو رجلها] .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : يضمنون . روي هذا القول عن علي بن أبي طالب .

                                                                                                                                                                              9581 - حدثنا موسى ، حدثنا أبو بكر ، حدثنا أبو معاوية ، عن حجاج ، عن قتادة ، عن خلاس ، عن علي ، أنه كان يضمن السائق ، والقائد ، الراكب .

                                                                                                                                                                              وهذا قول شريح ، والنخعي ، والشعبي ، والحكم ، غير أن شريحا قال : ولا يضمن إذا عاقبت . فقيل له : وما عاقبت ؟ قال : إذا ضربها فضربته .

                                                                                                                                                                              وقال الزهري : في قائد وراكب إذ وطئا إنسانا قال : يغرمان . [ ص: 330 ]

                                                                                                                                                                              وقال الحسن البصري : يضمن القائد والسائق .

                                                                                                                                                                              (وكان مالك بن أنس يقول : في القائد والسائق) والراكب : كلهم ضامن لما أصابت الدابة إلا أن ترمح الدابة من غير أن يفعل بها شيء ترمح له .

                                                                                                                                                                              وحكى أبو ثور هذا القول عن مالك وقال : وهكذا قول أبي عبد الله ، وقول بعض الناس - يعني الكوفي - قال : وبه نقول .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول : يضمن قائد الدابة وسائقها وراكبها ما أصابت بيد أو فم أو رجل أو ذنب ، ولا يجوز إلا هذا ، ولا يضمن شيئا إلا أن يحملها على أن تطأ شيئا فيضمن ، لأن وطأها من فعله فتكون حينئذ كأداة من أداته جنى بها ، فأما أن نقول رجل يضمن عن يدها ولا يضمن عن رجلها ، فهذا تحكم ، فإن قال : لا يرى رجلها فهو إذا كان سائقها لم ير يدها فينبغي أن يقول في [السائق] يضمن عن الرجل ولا يضمن عن اليد ، وليس هكذا نقول ، فأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أن الرجل جبار" فهذا غلط والله أعلم ، لأن الحفاظ لم يحفظوا هكذا . [ ص: 331 ]

                                                                                                                                                                              وحكى الشافعي عن ابن أبي ليلى أنه قال : إذا نفحت الدابة برجلها وهي تسير فهو ضامن في هذا لما أصابت .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : يضمن القائد عن اليد ، ولا يضمن عن الرجل . هكذا قال عطاء ، وروي ذلك عن النخعي وشريح ، وقال شريح والشعبي : الرجل جبار .

                                                                                                                                                                              وكان النعمان يقول : إذا نفحت الدابة برجلها وهي تسير فلا ضمان على صاحبها . وقال ابن الحسن : إذا سار الرجل على دابة في طريق المسلمين ، فأوطأ إنسانا بيد أو رجل ، فهو ضامن لديته على عاقلته ، وعليه الكفارة ، وإن نفحت برجلها فقتلت وهي تسير فلا ضمان على صاحبها .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : إن نفحت وهي تمشي لم يضمن ، وإن نفحت وهي [ ص: 332 ] قائمة ضمنته . هذا قول سفيان الثوري .

                                                                                                                                                                              وقال حماد بن أبي سليمان : إذا كان واقفا على دابة فضربت برجلها لا يضمن . وقال الحكم : يضمن .

                                                                                                                                                                              وروينا عن شريح ، أنه كان يضمن ما أوطأت الدابة بيد أو رجل ، ويبرأ من النفحة ، ويبرأ من الردف .

                                                                                                                                                                              وقال ابن سيرين : كانوا يضمنون من رد العنان ، ولا يضمنون من النفحة .

                                                                                                                                                                              وقد روي عن الشعبي فيه قول خامس : وهو أن الرجل إذا ساق دابته سوقا رقيقا فلا شيء عليه ، وإذا ساقها سوقا عنيفا فهو ضامن .

                                                                                                                                                                              وكان الحارث العكلي يقول : إذا ضربت الدابة أو كبحتها فأنت ضامن .

                                                                                                                                                                              وروينا عن علي بن أبي طالب أنه قال : إذا قال : الطريق وأسمع ، فلا ضمان عليه .

                                                                                                                                                                              9582 - حدثناه موسى ، حدثنا أبو بكر ، [حدثنا عباد] حدثنا عمر بن عامر ، عن قتادة ، عن خلاس ، عن علي قال : إذا (قال : الطريق ، [ ص: 333 ] وقال الشعبي : إذا أسمع دابته الرجز فلا ضمان عليه .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية