الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم في وجوب القود بالقسامة

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في وجوب القود بالقسامة .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : القسامة توجب القود . فممن رأى أن القسامة توجب القود : عبد الله بن الزبير ، وعمر بن عبد العزيز .

                                                                                                                                                                              9625 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا حجاج بن منهال قال : حدثنا حماد قال : أخبرنا عبد الله بن أبي مليكة قال : سألني عمر بن عبد العزيز عن القسامة فأخبرته أن عبد الله بن الزبير أقاد بها ، وأن معاوية لم يقد بها ، وزعم أن عمر بن عبد العزيز أقاد بها في إمارته على المدينة . [ ص: 425 ]

                                                                                                                                                                              وذكر الليث بن سعد أن هشام بن عبد الملك قتل بالقسامة بمصر . وبه قال مالك ، وأحمد بن حنبل ، وأبو ثور ، وحكي هذا القول عن ربيعة ، ويحيى بن سعيد ، وأبي الزناد ، والليث بن سعد .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : وهو أن القسامة توجب الدية ولا يقاد بها . روينا هذا القول عن ابن عباس ، ومعاوية بن أبي سفيان .

                                                                                                                                                                              9626 - حدثنا محمد بن نصر قال : حدثنا سعدان بن نصر قال : حدثنا معمر ، عن حجاج ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : لا يقاد بالقسامة .

                                                                                                                                                                              وبه قال الحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، والثوري ، والشافعي ، وإسحاق بن راهويه ، والنعمان ، وأصحابه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : احتج الفريقان جميعا الذين أوجبوا القود بالقسامة ، والذين قالوا : لا قود فيها من أصحابنا خاصة أهل الحجاز منهم [ ص: 426 ] وغيرهم بحديث سهل بن أبي حثمة ، واحتج الذين أوجبوا القود بقول النبي صلى الله عليه وسلم : "تحلفون وتستحقون دم صاحبكم" ، قال بعضهم : والدليل على هذا أنهم لما كانوا ادعوا قتل عمد لا قتل خطأ ، والذي يجب على قاتل العمد القود أو الدية أي ذلك اختار ولي القتيل في قول من جعل أولياء القتيل بين خيرتين ، واحتج بعض من دفع القود بالقسامة وأوجب الدية بأن الأخبار لما اختلفت ألفاظها فكان في بعضها : "تحلفون وتستحقون دم صاحبكم" ، فقوله : صاحبكم يحتمل أن يكون عنى المقتول فإن كان غير ذلك فقد يستحق دم المقتول بالقود ويستحق بالدية ، واحتج آخر بقوله : "إما أن تدوا صاحبكم" ، وقد أجاب عن هذا القول بعض من يوجب القود بالقسامة فقال : هذا الكلام كلام قبل خروج الحكم وحضور الخصم ، والكلام الذي يعتمد عليه الذي فيه ذكر الحكم قوله للأنصار : "تحلفون وتستحقون دم صاحبكم ، وقوله : "إما أن تدوا صاحبكم" يحتمل أن يكون أراد : إن اخترتم الدية ، وقوله : "من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين" ، مع قوله : "تحلفون وتستحقون دم صاحبكم" يدل على صحة هذا الكلام ، لأن أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين بعضها بعضا ، ويشهد بعضها لبعض .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية