الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر تضمين من استعان صبيا [حرا] لم يبلغ أو مملوكا بغير إذن مواليه فأصابته جناية أو (تردى) أو ما أشبه ذلك

                                                                                                                                                                              أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من حمل صبيا لم يبلغ أو مملوكا بغير إذن مواليه على دابة فتلف أنه ضامن .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال إذا استعان غلاما بغير إذن أهله [ولم يبلغ خمسة أشبار فهو ضامن حتى يرجع ، وإذا استعانه بإذن أهله] فلا ضمان عليه .

                                                                                                                                                                              9584 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا حجاج ، حدثنا حماد ، عن قتادة ، عن خلاس بن عمرو ، أن علي بن أبي طالب قال : إذا بلغ الغلام خمسة أشبار جرت عليه الحدود ، فاقتص واقتص منه ، وإذا استعانه رجل بغير إذن أهله ولم يبلغ خمسة أشبار فهو ضامن حتى يرجع ، وإذا استعانه بإذن أهله فلا ضمان عليه .

                                                                                                                                                                              وقال عطاء وحماد بن أبي سليمان : إذا استعان عبدا أو صبيا بغير إذن أهله فقد ضمنه . [ ص: 337 ]

                                                                                                                                                                              وكان الشعبي يقول : إذا حمل رجل على دابته غلاما لم يحتلم فأصابه شيء فهو على الذي حمله ، وإن كان قد بلغ فأصاب شيئا فهو ضامن ، وفي العبد مثل ذلك .

                                                                                                                                                                              وقال مالك في الصبي الحر يأمره الرجل ينزل في البئر ، أو يرقى النخلة فيهلك في ذلك : أن الذي أمره ضامن لما أصابه من خلاك أو غيره .

                                                                                                                                                                              وهذا على مذهب الثوري ، وأحمد ، وإسحاق .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي : إذا اغتصب الرجل الصبي الحر فذهب به ، فهو ضامن له إن قتل ، أو أصابه حجر ، أو جرح ، وإن (مات ميتة) نفسه لم يضمن ، وإن أصابته جناية ، أو أكله سبع ، أو تردى من حائط . وإذا قتل الصبي رجلا لم يكن على الذي غصبه شيء ، وكذلك المعتوه ، وإذا حمل الرجل الصبي الحر على دابة فقال : امسكها لي ، فسقط فمات ، فالرجل ضامن لديته على عاقلته .

                                                                                                                                                                              وأجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على [أن] من (استعان) حرا بالغا في عمل من الأعمال متطوعا بذلك ، أو بإجارة فأصابه شيء ، فلا ضمان على المستعير والمستأجر . [ ص: 338 ]

                                                                                                                                                                              هذا محفوظ عن عطاء ، وعمرو بن دينار ، والزهري ، والشعبي ، وهو مذهب مالك والشافعي والكوفي .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية