الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر أولياء الدم الذين لهم القصاص والعفو

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : اختلف أهل العلم في الأولياء الذين إليهم العفو ولهم القصاص .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : لجميع الورثة القصاص أو العفو ، فأي الورثة عفا صارت دية وبطل القود .

                                                                                                                                                                              روينا عن عمر بن الخطاب أن رجلا رفع إليه قتل رجلا ، فأراد أولياء المقتول قتله ، فقالت أخت المقتول وهي امرأة القاتل : قد عفوت عن [ ص: 114 ] حصتي من زوجي . قال عمر : عتق الرجل من القتل .

                                                                                                                                                                              9364 - حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب ، قال أخبرنا يعلى ، قال : حدثنا الأعمش ، عن زيد بن وهب ، قال : وجد رجل عند امرأته رجلا فقتلها فرفع إلى عمر فوجد عليها بعض إخوتها فتصدق عليه بنصيبه فأمر عمر لسائرهم بالدية .

                                                                                                                                                                              9365 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب أن عمر بن الخطاب رفع إليه رجل قتل رجلا ، فأراد أولياء المقتول قتله ، فقالت أخت المقتول - وهي امرأة القاتل - : قد عفوت عن حصتي من زوجي ، فقال عمر : عتق الرجل من القتل .

                                                                                                                                                                              9366 - وروينا عن إبراهيم ، والشعبي ، وعطاء ، وطاوس أنهم قالوا : عفو المرأة جائز في القتل . وكان عطاء والنخعي يقولان : عفو كل ذي سهم جائز . وقال الحكم وحماد : من عفا من رجل أو امرأة فإنه يدرأ عنه القتل .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وهذا قول سفيان الثوري والشافعي ، وأحمد بن حنبل . [ ص: 115 ]

                                                                                                                                                                              9367 - وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال : يستأنى بالصغير حتى يبلغ .

                                                                                                                                                                              وبه قال ابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، والثوري ، وأحمد ، وإسحاق .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي : إذا كان دم العمد بين رجلين فعفا أحدهما فللآخر حصته من الدية .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : ليس للنساء عفو . كذلك قال الحسن البصري ، وقتادة ، وروينا عن عمر بن الخطاب ، والحسن البصري ، وإبراهيم النخعي أنهم قالوا : ليس للزوج ولا للمرأة عفو في الدم .

                                                                                                                                                                              9368 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا عبد الرحيم ، عن محمد بن سالم ، عن الشعبي ، عن عمر قال : الزوج والمرأة لا عفو لهما .

                                                                                                                                                                              وقال الزهري ، وابن شبرمة : ليس للمرأة عفو . وممن قال ليس للنساء عفو في الدم ولا قسامة : ربيعة ، والليث بن سعد ، والأوزاعي ، ومن حجة من قال بالقول الأول حديث عائشة .

                                                                                                                                                                              9369 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : أخبرنا بشر بن بكر ، عن الأوزاعي قال : حدثني حصن قال : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال : حدثتني عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من قال علي ما لم أقل فليتبوأ بيتا من النار " . قال : "وعلى المقتتلين أن [ ص: 116 ] ينحجزوا الأول فالأول ، وإن كانت امرأة " .

                                                                                                                                                                              وقال إسحاق بن راهويه : فسره الذي رواه بقول : إذا عفت المرأة تصير دية .

                                                                                                                                                                              وحدثني علي ، عن أبي عبيد قال : وقوله لأهل القتيل "أن ينحجزوا الأدنى فالأدنى وإن كانت امرأة" قال أبو عبيد : وذلك أن يقتل القتيل وله ورثة رجال ونساء فأيهم عفا عن دمه من الأقرب فالأقرب فعفوه جائز ، لأن قوله "أن ينحجزوا" أي : يكفوا عن القتل " .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : حصن الذي روى هذا الحديث لا يعرف له حديث غير هذا الحديث وهو مجهول ليس بمشهور تجب الحجة بروايته .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية