الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر جناية الرجل على نفسه خطأ

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في جناية الرجل على نفسه خطأ ، فقالت طائفة : لا تعقل العاقلة أحدا أصاب نفسه بشيء عمدا أو خطأ . كذلك قال مالك [ ص: 361 ] قال : وعلى هذا رأي أهل الفقه والعلم عندنا .

                                                                                                                                                                              قال مالك : قال الله عز وجل ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ) ولم يقل من قتل نفسه خطأ ، وإنما جعل العقل فيما أصاب به إنسان إنسانا آخر ، ولم يذكر ما أصاب به نفسه . وهذا قول الشافعي ، وحكي ذلك عن ربيعة ، وأبي الزناد ، والثوري ، والنعمان ، وصاحبيه .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه جعل دية رجل ساق حمارا فضربه بعصا معه ، فطارت منه شظية فأصابت عينه ففقأها - على عاقلته . قال : هي يد من أيدي المسلمين ، لم يصبها اعتداء على أحد .

                                                                                                                                                                              9595 - حدثنا موسى ، حدثنا أبو بكر ، حدثنا ابن فضيل ، عن ليث ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده - عبد الله بن عمرو - قال : كان رجل يسوق حمارا له ، وكان راكبا عليه فضربه بعصا معه ، [ ص: 362 ] فطارت منها شظية فأصابت عينه ففقأها ، فرفع ذلك إلى عمر . قال : هي يد من أيدي المسلمين ، لم يصبها اعتداء على أحد ، فجعل دية عينه على عاقلته .

                                                                                                                                                                              وقال الأوزاعي في رجل ذهب يضرب بسيفه في العدو فأصاب نفسه فمات : فالدية على عاقلته .

                                                                                                                                                                              قيل لأحمد : قال مالك : لا تحمل العاقلة أحدا أصاب نفسه بشيء عمدا أو خطأ ، قال أحمد : بل هذا على عاقلة نفسه إذا كان خطأ .

                                                                                                                                                                              وكذلك قال إسحاق ، وحكى عبد الرزاق ، عن الثوري أنه قال في رجل وجد في بيته مقتولا قال : تضمن عاقلته ديته .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية