الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر أم الولد تجني جناية بعد جناية

                                                                                                                                                                              واختلفوا في أم الولد تجني جناية بعد جناية .

                                                                                                                                                                              فكان مالك يقول : إذا جرحت فغرم سيدها قيمتها ، فكلما جرحت جرحا غرم قيمتها ، فلا يكون عليه أكثر من دية الجرح ، وكذلك قال عبد الملك .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي في المدبر إذا دفع المولى القيمة يوم جنى بغير أمر قاض ، ثم جنى ثانية قتل قتيلا آخر خطأ ، فإنهما يتبعان أهل الجناية الأولى فيأخذون منه نصف القيمة ، وإن شاؤوا اتبعوا المولى بذلك ، ويرجع المولى على الذي أخذ منه القيمة ، وإن كان المولى دفع بعضا بغير قضاء [قاض] فلا ضمان على المولى ، ولكن (أهل الجناية [ ص: 411 ] الأخرى يتبعون) أهل الجناية الأولى فيأخذون منهم نصف القيمة ، وأم الولد في جميع ما ذكرناه من جناية المدبر بمنزلة المدبر ، وهذا كله قول النعمان .

                                                                                                                                                                              وقال يعقوب ومحمد : قضاء القاضي وغير قضاء القاضي سواء ، لا ضمان على المولى في شيء من ذلك .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : إذا جنت أم الولد ضمن الأقل من قيمتها أو الجناية للمجني عليه ، فإن عادت فجنت أخرى وقد أخرج قيمتها ففيها قولان : أحدهما : أن إسلامه قيمتها كإسلامه بدنها فيرجع المجني عليه الثاني [بأرش جنايته] على المجني عليه الأول فيشتركان فيها بقدر جنايتهما ، ثم هكذا إن جنت جناية أخرى رجع المجني عليه الثالث على الأولين فكانوا شركاء في قيمتها بقدر الجناية عليهم .

                                                                                                                                                                              والقول الثاني : أن يدفع الأقل من قيمتها أو الجناية فإذا عادت فجنت وقد دفع جميع قيمتها لم يرجع الآخر على [الأول] بشيء ، ورجع الآخر على سيدها فأخذ منه الأقل من قيمتها أو الجناية ، وهكذا كلما جنت ، ومال المزني إلى القول الآخر . [ ص: 412 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية