الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              جماع أبواب أحكام العبيد والإماء في الجراحات والديات

                                                                                                                                                                              أجمع أهل العلم على أن في العبد يقتل خطأ قيمته إذا كانت القيمة أقل من الدية .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في العبد يقتل وقيمته أكثر من دية الحر .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : قيمته يوم يصاب ، بالغا ما بلغ . هكذا قال سعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، وإياس بن معاوية ، والزهري ، ومحمد بن سيرين ، وعمر بن عبد العزيز ، ومكحول ، وحكي ذلك عن عثمان البتي ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن . وبه قال مالك بن أنس ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : لا تبلغ دية العبد الحر . كذلك قال النخعي والشعبي وقال الثوري : قول إبراهيم والشعبي ، أن لا يبلغ دية الحر أحب إلى سفيان . [ ص: 393 ]

                                                                                                                                                                              وقال النعمان في العبد يقتل خطأ : على عاقلة القاتل القيمة ، بالغة ما بلغت ، إلا أنه لا يجاوز بذلك دية الحر المسلم ، فينتقص من ذلك ما تقطع فيه الكف ، لأنه لا يكون أحد من العبيد إلا وفي الأحرار من هو خير منه .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن سعيد بن العاص قولا ثالثا ، وروينا عنه أنه حكم في عبد قتل - وكان ثمنه عشرة آلاف - أربعة آلاف ، وقال : أكره أن أجعل ديته مثل دية الحر .

                                                                                                                                                                              وقد اختلف عن عطاء في هذه المسألة : فحكى أيوب بن موسى عنه أنه قال كقول سعيد بن المسيب ، وحكى الحجاج بن أرطأة عنه أنه قال : دية المملوك ثمنه ، فإن زاد على دية الحر رد إلى دية الحر .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وهذه أصح الروايات عنه ، وهو قول رابع . وبهذا القول قال حماد بن أبي سليمان قال : لا تجاوز دية الحر . [ ص: 394 ]

                                                                                                                                                                              واختلف فيه عن الحكم ، فروى شعبة عنه أنه قال : قيمته - وإن بلغت - عشرين ألفا . وحكى الحجاج بن أرطاة عنه أنه قال كقول الشعبي والنخعي .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وبالقول الأول أقول .

                                                                                                                                                                              وفي إجماع أهل العلم على أن ديات الأحرار سواء لا فضل لبعضهم على بعض في الدية ، مع اتفاقهم على اختلاف أثمان العبيد أبين البيان على افتراق أحوالهم ، إذ العبيد أموال تختلف قيمتهم ، والأحرار ليسوا بأموال تستوي دياتهم ، فهم في هذا الباب بسائر الأموال المختلفة قيمتها أشبه منهم بالأحرار الذين لا تختلف دياتهم ، فقضى إجماعهم في الفرق بين الفريقين على اختلاف سبيل الأحرار والعبيد ، وأنهم في هذا الباب [كسائر] السلع التي تختلف أثمانها أشبه منهم بالأحرار الذين دياتهم مستوية مؤقتة .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية