الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              جماع أبواب الجنايات التي توجب العقل ولا توجب القود

                                                                                                                                                                              ذكر اصطدام الفارسين

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في فارسين اصطدما فماتا .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : يكون على عاقلة كل واحد منهما نصف دية صاحبه ، من قبل أن كل واحد جان على نفسه وعلى غيره ، إذ كل واحد منهما مات من صدمة نفسه ، ومن صدمة صاحبه ، فتبطل جنايته على نفسه ، ويؤخذ له جناية غيره ، كما لو جرح نفسه وجرحه غيره ، كان على الجاني نصف الدية ، لأنه مات من جناية نفسه وجناية غيره .

                                                                                                                                                                              هذا قول الشافعي .

                                                                                                                                                                              وحكي نحو من هذا القول عن عثمان البتي .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال : يعطى كل واحد منهما نصف ديته .

                                                                                                                                                                              9571 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا حجاج ، حدثنا حماد ، عن قتادة ، عن خلاس بن عمرو : أن علي بن أبي طالب قضى في فارسين اصطدما فماتا قال : يوديان .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : والجواب في الراجلين يصطدمان ويموتان ، كالجواب في الفارسين يصطدمان في قول الشافعي . [ ص: 312 ]

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : إذا ماتا فدية كل واحد منهما على عاقلة صاحبه . هكذا قال أحمد ، وإسحاق .

                                                                                                                                                                              وحكي ذلك عن ابن شبرمة ، والنعمان ، وصاحبيه .

                                                                                                                                                                              وقد روي عن علي وليس يثبت ذلك عنه أنه قال في فارسين اصطدما فمات أحدهما ، يضمن الحي الميت .

                                                                                                                                                                              9572 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا أبو بكر : حدثنا عبد الرحيم ، عن أشعث ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن علي .

                                                                                                                                                                              وبالقول الأول أقول ، لأنه مات من فعله وفعل غيره .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول : إن هلك الفارسان ، ففي كل واحد منهما نصف قيمة جناية صاحبه .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد وإسحاق : فأما الفرسان فعليهما في أموالهما . وحكي ذلك عن الزهري . [ ص: 313 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية