الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر النفر يقتلون الرجل

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في النفر يقتلون الرجل : فقال كثير من أهل العلم : يقتلون به .

                                                                                                                                                                              ثبت عن عمر بن الخطاب أن إنسانا قتل بصنعاء ، قتل به عمر سبعة نفر ، وقال : لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به جميعا .

                                                                                                                                                                              وروينا عن علي أنه قتل ثلاثة نفر برجل . [ ص: 65 ]

                                                                                                                                                                              وعن المغيرة بن شعبة أنه قتل سبعة برجل .

                                                                                                                                                                              9323 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال : أخبرنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا يحيى ، أنه سمع سعيد بن المسيب يقول : إن إنسانا قتل بصنعاء وإن عمر قتل به سبعة نفر وقال : لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به جميعا .

                                                                                                                                                                              9324 - وحدثونا عن أبي خلاد قال : حدثنا يحيى قال : حدثنا عبيد الله قال : أخبرني نافع ، عن ابن عمر ، أن صبيا قتل بصنعاء غيلة فقتل عمر به سبعة وقال : لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم به .

                                                                                                                                                                              9325 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني عمرو ، أن حي بن يعلى ، أخبره أنه سمع يعلى يخبر هذا الخبر قال : اسم المقتول أصيل ، وألقوه في بئر بغمدان ، فدل عليه الذباب الأخضر ، فطافت امرأة أبيه على حمار صنعاء أياما تقول : اللهم لا تخفي علي من قتل أصيلا . قال عمرو : إن يعلى كان يقول : كان لها خليل واحد فقتلته هو وامرأة أبيه . قال حي : سمعت يعلى يقول : كتب إلي عمر أن اقتلهما جميعا فلو اشترك في دمه أهل صنعاء قتلتهم .

                                                                                                                                                                              9326 - حدثنا موسى بن هارون ، قال : حدثنا يحيى الحماني ، قال : [ ص: 66 ] حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن وهب ، أن ثلاثة نفر قتلوا رجلا ، فخلى بهم علي بينهم فأقروا ، فقتلهم بالرجل .

                                                                                                                                                                              9327 - حدثنا موسى قال حدثنا أبو بكر قال : حدثنا أبو معاوية عن المجالد عن الشعبي عن المغيرة بن شعبة أنه قتل سبعة برجل . وممن رأى أن يقتل النفر بالواحد : سعيد بن المسيب ، والشعبي ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، والحسن البصري ، وقتادة ، ومالك ، وسفيان الثوري ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وحكي ذلك عن عثمان البتي ، وعبيد الله بن الحسن .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : وهو أن لا يجوز قتل رجلين برجل . روينا أن معاذا قال لعمر : ليس لك أن تقتل نفسين بنفس .

                                                                                                                                                                              وقال ابن جريج عن عمرو بن دينار : كان ابن الزبير وعبد الملك : لا يقتلان منهم إلا رجلا واحدا ، وما علمت أحدا يقتلهم إلا ما قالوا في عمر .

                                                                                                                                                                              9328 - حدثنا موسى بن هارون ، قال : حدثنا أبو بكر قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن حسن بن صالح ، عن سماك بن [ ص: 67 ] حرب ، عن ذهل بن كعب ، أن معاذا قال لعمر : ليس لك أن تقتل نفسين بنفس .

                                                                                                                                                                              9329 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، قال : كان ابن الزبير وعبد الملك [لا ] يقتلان منهم إلا رجلا واحدا ، وما علمت أحدا يقتلهم جميعا إلا ما قالوا في عمر .

                                                                                                                                                                              وهذا قول الزهري ، وحبيب بن أبي ثابت .

                                                                                                                                                                              وقال محمد بن سيرين : لا يقتل منهم إلا واحد .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : أعلى ما يحتج به من رأى أن تقتل الجماعة بالواحد قول عمر ، وأن ذلك قول أكثر من روي عنه ممن تكلم في هذا الباب ، واحتج بعض من خالف ذلك وقال : لا يقتل اثنان بواحد ، بأن دماءهم كانت محظورة قبل قتلهم الرجل .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في إباحتها بعد أن كانوا أجمعوا على حظرها ، ولا يجوز إباحة ما قد أجمعوا على تحريمه إلا بكتاب أو سنة أو إجماع ، فأما إباحة دم قد دل الكتاب والسنة والإجماع على تحريمه فغير جائز إباحته بقول من يؤخذ من قوله ويترك إلا بحجة من حيث ذكرنا . وقد روينا عن ابن الزبير ومعاذ وخلافه ، وإذا اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الشيء وجب الأخذ بقول أشبههم قولا بالكتاب أو السنة . [ ص: 68 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية