الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر حكم العبد الجاني

                                                                                                                                                                              واختلفوا في العبد يجني جناية تأتي على نفس المجني عليه خطأ .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : إن شاء مولاه فداه ، وإن شاء دفعه . روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب .

                                                                                                                                                                              9611 - حدثنا موسى ، حدثنا أبو بكر ، حدثنا حفص ، عن حجاج ، عن حصين الحارثي ، عن الشعبي ، عن الحارث ، عن علي قال : ما جنى العبد ففي رقبته ، ويخير مولاه إن شاء فداه ، وإن شاء دفعه .

                                                                                                                                                                              وبه قال الشعبي ، وعطاء ، والحسن البصري ، وعروة بن الزبير ، والزهري ، ومجاهد ، وحماد بن أبي سليمان ، والثوري ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، ومحمد بن الحسن .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : إن كان القتل عمدا فلهم القود ، وإن شاؤوا عفوا ، وليس لهم أن يسترقوه . [ ص: 399 ]

                                                                                                                                                                              هذا قول النخعي ، وحماد بن أبي سليمان ، والثوري ، والحارث العكلي ، والنعمان .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث : وهو أن لهم أن يسترقوه إذا دفعه السيد إلى أولياء المقتول . هذا قول الحسن البصري ، وعطاء بن أبي رباح ، وقتادة ، وبه قال الشعبي أحد قوليه .

                                                                                                                                                                              وكان مالك يقول : إذا قتل العبد عمدا خير سيد العبد المقتول ، فإن شاء قتل ، وإن شاء أخذ العقل ، فإن هو أخذ العقل أخذ قيمة عبده ، وإن شاء أرباب العبد القاتل أن يعطوا ثمن العبد المقتول فعلوا ، وإن شاؤوا أسلموا عبدهم ، فإذا أسلموه فليس عليهم إلا ذلك ، وليس لأرباب العبد المقتول إذا أخذوا العبد القاتل ورضوا به أن يقتلوه ، وذلك في القصاص كله بين العبيد في قطع اليد والرجل ، وأشباه ذلك بمنزلته في القتل .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول : وإذا قتل عبد عبد رجل فسيده بالخيار بين أن يقتل أو يكون له قيمة العبد المقتول في عنق العبد القاتل ، فإن أداها سيد العبد القاتل متطوعا فليس لسيد العبد إلا ذلك إذا عفا القصاص ، وإن أبى سيد العبد القاتل أن يؤديها لم يجبر عليها وبيع العبد القاتل ، فإن كان ثمنه أقل من قيمة ثمن العبد المقتول أو ثمنه ، فليس لسيد العبد المقتول إلا ذلك ، وإن كان فيه فضل رد على سيد العبد القاتل ، وإن كان في [ ص: 400 ] العبد القاتل فضل خير سيد العبد بين أن يباع بعضه حتى يوفي هذا ثمنه ، ويبقى هذا على ما بقي من ملكه ، أو يباع كله فيرد عليه فضله ، وأحسبه سيختار بيعه ، لأن ذلك أكثر لثمنه .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية