الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الستر على المسلمين

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من ستر على مسلم ستر الله عليه في الآخرة " .

                                                                                                                                                                              9260 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن محمد بن واسع ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من ستر على مسلم ستر الله عليه في الآخرة " .

                                                                                                                                                                              9261 - أخبرنا [حاتم ] بن منصور : أن الحميدي حدثهم قال : حدثنا سفيان قال : حدثنا يحيى بن عبد الله الجابر ، أنه سمع أبا ماجد الحنفي يقول : كنت عند عبد الله بن مسعود ، فقال عبد الله : إني لأعلم أول رجل قطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أتي برجل من الأنصار قد سرق ، فقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنما سف في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الرماد - وأشار سفيان بكفه إلى وجهه وقبضها ، وأشار أبو بكر - يعني [ ص: 13 ] الحميدي - بكفه إلى وجهه وقبضها - فقيل يا رسول الله ، كأنك إذن - أي : - كرهت ، قال : "وما يمنعني ؟ أن تكونوا أعوانا للشيطان على صاحبكم ، إنه لا ينبغي لوالي أمر أن يؤتى بحد إلا أقامه ، والله عفو يحب العفو ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ) .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : والأخبار في هذا الباب تكثر ، وقد ذكرتها في غير هذا الموضع ، والذي يستحب لمن اطلع من أخيه المسلم على عورة أو زلة يوجب ذلك حدا أو تعزيرا ، أو يلحقه في ذلك عيب ، أو عار - أن يستره عليه رجاء ثواب الله ، ويجب لمن بلي بذلك أن يتستر بستر الله ، ويعقد توبة ، فإن لم يفعل ذلك الذي أصاب الحد وأبدى ذلك للإمام وأقر به لم يكن إثما ، لأنا لم نجد في شيء من الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ذلك ، بل الأخبار دالة على أن من أصاب حدا فأقيم عليه فهو كفارته . [ ص: 14 ]

                                                                                                                                                                              9262 - أخبرنا الربيع قال : أخبرنا الشافعي قال : أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن ابن شهاب ، عن أبي إدريس ، عن عبادة بن الصامت قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا" وقرأ عليه الآية ، وقال : "فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب ، فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه فهو إلى الله ، إن شاء غفر له ، وإن شاء عذبه " .

                                                                                                                                                                              وقد ذكرنا سائر الأخبار في مواضعها ، من ذلك قوله لعمر حين قال له عمر : رجمتها يا رسول الله ثم تصلي عليها ؟ فقال : "لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة وسعتهم ، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها " . [ ص: 15 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية