الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر جناية المكاتب

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في جناية المكاتب .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : جنايته في رقبته هكذا قال النخعي ، والزهري ، والحسن البصري والثوري .

                                                                                                                                                                              وقال حماد بن أبي سليمان : يسعى فيها وفي المكاتبة بالحصص .

                                                                                                                                                                              وقال عطاء بن أبي رباح : ما جنى على المكاتب فهو له يستعين به في كتابته . وبه قال الثوري .

                                                                                                                                                                              وقال مالك : أحسن ما سمعت في المكاتب : إذا جرح جرحا يقع عليه فيه [العقل] أن المكاتب إذا قوي على أن يؤدي عقل ذلك الجرح مع كتابته أداه ، وكان على كتابته ، وإن لم [يقو] على ذلك فقد عجز عن كتابته ، وإذا عجز المكاتب عن أداء عقل ذلك الجرح خير سيده ، فإن أحب أن يؤدي عقل ذلك الجرح فعل ، وأمسك غلامه فصار عبدا مملوكا له ، وإن أحب أن يسلمه إلى المجروح أسلمه ، وليس عليه أكثر من ذلك .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول : على المكاتب والمكاتبة في جنايتها الأقل من قيمة الجاني منهما يوم جنى أو الجناية ، فإن قدرا على أدائها مع الكتابة فهو مكاتب بحاله ، وله أن يؤديها قبل الكتابة ، فإن لم يكن عنده [ ص: 404 ] ما يؤدي عجزه في مال الأجنبي .

                                                                                                                                                                              وإذا عجزه السيد ، أو رضي المكاتب ، أو عجزه الحاكم ، خير الحاكم السيد بين أن يتطوع أن يفديه بالأقل من أرش الجناية ، أو قيمته .

                                                                                                                                                                              وإن لم يفعل بيع عليه فأعطي أهل الجناية .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد في المكاتب يجني : يؤدي إلى أهل الجناية أولا ، فإن عجز رد رقيقا ، وفداه السيد إن شاء وإلا سلمه . وكذلك قال إسحاق .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : يسعى في الكتابة والجناية جميعا . وحكي عن الكوفي أنه قال : يسعى في الجناية .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : جناية المكاتب على سيده ، وكذلك المعتق عن دبر ، وأم الولد . هذا قول النخعي .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : قول الشافعي حسن . وقد روينا عن عطاء أنه قال : يؤخذ بها السيد ، ويرجع بها عليه ، وما جنى عليه له ، يستعين بها في كتابته .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية