الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر الوليين يعفو أحدهما ويقتل الآخر

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الوليين يعفو أحدهما عن الدم ويقتل الآخر : فقالت طائفة : يدرأ عن القاتل القتل بالشبهة ، ويكون لورثة القاتل الأول الدية على قاتل الآخر ، ويرجع الذي عفا بنصف الدية في مال القاتل الأول . هذا قول الشافعي إذ هو بالعراق . وقال بمصر : فيها قولان : إذا قال : لم أعلم عفو من معي .

                                                                                                                                                                              أحدهما : أن عليه القصاص ، فإذا اقتص منه فنصيبه من الدية في مال القاتل للمقتول الذي اقتص منه .

                                                                                                                                                                              والآخر : أن يحلف ما علم عفوه ، ثم عوقب ، ولم يقتص منه ، وأغرم ديته حالة في ماله يرفع عنه منها قدر نصيبه من دية المقتول الذي هو وارثه ، وإن لم يحلف حلف أولياء المقتول الآخر لقد علم .

                                                                                                                                                                              ثم في القصاص منه قولان : [ ص: 127 ] أحدهما : أن يقتص منه . والآخر : لا يقتص منه .

                                                                                                                                                                              وكان أبو ثور يقول : إن كان جاهلا يدرأ عنه القتل ، وعليه الدية في ماله ، وإن كان عالما قتلناه ، إلا أن يريد الأولياء الدية . وللوليين الأولين الدية في مال المقتول الآخر .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي : عليه الدية كاملة في ماله ، يحتسب له من ذلك نصف الدية حصته من دم المقتول الأول ، ويؤدي النصف علم بالعفو أو لم يعلم أن الدم حرم بالعفو أو لا يعلم بالعفو .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : النظر يدل على أن عليه القود إذا علم بالعفو ، وأن الدم قد صار محرما عليه بعفو صاحبه ، وإن لم يعلم بالعفو ، أو كان جاهلا يحسب أن له القود ، وإن عفا بعض الأولياء فلا قود عليه ، وعليه الدية .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية