الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر الولي يقتل القاتل بعد العفو أو أخذ الدية

                                                                                                                                                                              قال الله عز وجل : ( فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ) كان ابن عباس يقول : من بعد قبول الدية .

                                                                                                                                                                              9378 - أخبرنا حاتم بن منصور ، أن الحميدي حدثهم قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا عمرو بن دينار ، قال : سمعت مجاهدا يقول : سمعت ابن عباس يقول : ( فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ) قال : من قتل بعد قبول الدية .

                                                                                                                                                                              وهذا قول عطاء والحسن وقتادة . [ ص: 125 ]

                                                                                                                                                                              وقال مولى ابن عباس : نزلت في مقيس بن صبابة بن عمرو بن عبد كليب بن عوف بن ليث بن بكر بن كنانة قتل أخوه ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الدية فقبلها ، ثم قتل . منهم من يقول : قاتل أخيه ، ومنهم من يقول رجل من بني فهر .

                                                                                                                                                                              واختلف أهل العلم فيمن قتل قاتل وليه بعد قبول الدية أو بعد عفوه عنه .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : عليه القود .

                                                                                                                                                                              كذلك قال عكرمة ، واحتج بهذه الآية .

                                                                                                                                                                              وبه قال الثوري واحتج بما احتج به عكرمة .

                                                                                                                                                                              وهذا قول مالك والشافعي ، وذلك لأن القاتل لما عفا عنه أو قبل منه الدية صار محرم الدم كما كان قبل يقتل ، فعلى من قتله القود .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن الحسن البصري أنه قال : تؤخذ منه الدية ولا يقتل .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث قاله عمر بن عبد العزيز ، قال عمر : والاعتداء الذي ذكر الله عز وجل أن الرجل يأخذ العقل [أو يقتص ] أو يقضي السلطان فيما بين الجارح والمجروح ، ثم يعدو بعضهم بعد أن يستوعب حقه ، فمن فعل ذلك فقد [اعتدى ] ، والحكم فيه إلى السلطان بالذي يرى فيه من العقوبة ، ولو عفا عنه لم يكن لأحد من طلبة الحق أن يعفو عنه بعد [ ص: 126 ] اعتدائه إلا بإذن السلطان .

                                                                                                                                                                              9380 - وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد مجهول لا يثبت أنه قال : "لا أعفي من قتل بعد أخذ الدية " .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية