الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم في جراحات العبيد في أثمانهم كجراحات الأحرار في دياتهم

                                                                                                                                                                              روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب .

                                                                                                                                                                              9609 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن عبد العزيز بن عمر ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن عمر بن الخطاب قال : وعقل العبد في ثمنه مثل عقل الحر في ديته . [ ص: 395 ]

                                                                                                                                                                              9610 - حدثنا موسى ، حدثنا أبو بكر ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن حماد بن سلمة ، عن حجاج ، عن حصين الحارثي ، عن الشعبي ، عن الحارث ، عن علي قال : تجري جراحات العبيد على ما تجري عليه جراحات الأحرار .

                                                                                                                                                                              وبه قال محمد بن سيرين ، وعمر بن عبد العزيز ، والشافعي ، والنعمان ، وأبو ثور .

                                                                                                                                                                              وقال سعيد بن المسيب في عبد تقطع رجله قال : نصف ثمنه . وقال الشعبي ، ومحمد ، وعطاء ، والحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، وشريح ، وقتادة : في موضحة العبد نصف عشر ثمنه . وذكر مالك أنه بلغه ذلك عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار .

                                                                                                                                                                              وقال الحسن البصري ، وإبراهيم النخعي : إذا فقئت عينه ففيها نصف ثمنه .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : وهو أن في موضحة العبد نصف عشر ثمنه ، وفي منقلته عشر ونصف العشر من ثمنه ، وفي مأمومته وجائفته في كل واحدة منهما ثلث ثمنه ، وفيما سوى هذه الخصال الأربع مما يصاب به العبد ما نقص من ثمنه ينظر في ذلك بعدما يصح العبد ويبرأ . كم بين قيمة العبد اليوم بعد [ ص: 396 ] أن أصابه هذا وقيمته صحيحا قبل أن يصيبه هذا ، ثم يعطى ما بين القيمتين . هذا قول مالك ، وقال : هو الأمر عندنا .

                                                                                                                                                                              وقد كان النخعي يقول : إذا أصيبت أذناه أو عيناه ففيها ثمنه كله ، ويدفعه إلى الذي أصابه .

                                                                                                                                                                              وقال إياس بن معاوية غير ذلك كله ، قال : إذا قال قطع يد عبد عمدا أو فقأ عينه قال : هو له وعليه ثمنه .

                                                                                                                                                                              وكان سفيان الثوري يقول : وإذا أصيب من العبد ما يكون نصف ثمنه من يد أو رجل أخذ مولاه نصف ثمنه إذا كان قد برئ ، وإذا أصيب أنفه أو ذكره دفعه مولاه إلى الذي أصابه وأخذ ثمنه إذا كان قد برئ .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وهذا قول موافق لقول النخعي الذي ذكرته آخرا ، وأدخل الشافعي على من خالفه فقال : جعلنا نحن وأنت في الرجل والمرأة رقبتين ودياتهما مختلفين ، وكذلك جعلنا في العبد رقبة ، وإنما ذكر الله الرقبة حيث ذكر الدية وسائر الحيوان إذا تلفت ، وسائر السلع لا رقبة فيها ، فهو يجامع الأحرار في أن فيه مع القيمة ، وفي أن العبد إذا قتل العبد كان بينهما قصاصا ، وعليه ما على الحر في بعض الحدود ، وعليه الفرائض من الصوم والصلاة ، والكف عن المحارم ، ألم يكن الواجب على العالمين إذا كان آدميا أن يقيسوه على الآدميين ، ولا يقيسوه على البهائم ولا المتاع . [ ص: 397 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية