الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر خطأ الطبيب

                                                                                                                                                                              أجمع عوام أهل العلم على أن الطبيب إذا لم يتعد لم يضمن .

                                                                                                                                                                              هذا قول شريح ، والنخعي ، وعطاء ، وعمرو بن دينار ، والشعبي ، والزهري ، وربيعة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، والنعمان وأصحابه .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول : الوجه الذي يسقط فيه العقل أن يأمر الرجل به [ ص: 317 ] الداء الطبيب أن يبط جرحه ، أو الأكلة أن تقطع عضوا يخاف مشيها إليه ، أو يفجر له عرقا ، أو الحجام أن يحجمه ، أو الكاوي أن يكويه ، أو يأمر أبو الصبي أو سيد المملوك الحجام أن يختنه ، فيموت من شيء من هذا ، ولم يتعد المأمور ما أمر به ، ولا عقل عليه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : ثبتت الأخبار عن رسول الله أنه احتجم وأعطى الحجام أجرة ، وقال "أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري" . وقال : "الشفاء في ثلاثة : في شرطة محجم ، أو شربة عسل ، أو كية بنار ، وأنهى أمتي عن الكي" .

                                                                                                                                                                              وأجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن للمريض أن يتعالج بالمباح من العلاج مثل الحجامة ، وفتح العرق ، وشرب الأدوية التي يرجى نفعها التي الأغلب منها السلامة .

                                                                                                                                                                              يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء" ، وأمر أناسا بشرب أبوال الإبل وألبانها لعلة كانت بهم ، وقال : "إن الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام" .

                                                                                                                                                                              وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه احتجم واستعط ، وأمر كعب بن عجرة بحلق [ ص: 318 ] الرأس من الأذى ، ولما كسرت على رأس النبي صلى الله عليه وسلم البيضة ، وأدمي وجهه ، وكسرت رباعيته ، عمدت فاطمة إلى حصير فأحرقته وألصقتها على جرح النبي صلى الله عليه وسلم فرقأ الدم .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وكل ما ذكرته وما تركته مما لم أذكره يدل على إباحة العلاج والتداوي ، فإذا استعان العليل بالحجام يحجمه ، أو يقطع منه ما فيه له الصلاح ، أو أمره أن يختن ولده أو مملوكه ففعل ما أمر به ، أو سقى عليلا دواء [يسقى] مثله ذلك العليل ، ولم يتعد في شيء من ذلك ، فلا ضمان عليه .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية