الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر العبد يكون بين رجلين يعتقه أحدهما ويقتله الآخر

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في العبد بين رجلين يعتقه أحدهما وهو موسر ، ويقتله الآخر خطأ قبل أن يقوم عليه .

                                                                                                                                                                              فكان ابن أبي ليلى وابن شبرمة وسفيان الثوري يقولون : إذا أعتق أحد الشريكين العبد فإن كان موسرا حين أعتقه عتق العبد كله ، وصار حرا ، وغرم لشريكه قيمة نصيبه في ماله والولاء كله له ففي مذهب هؤلاء ، على المعتق قيمة حصة شريكه الذي قتل ، وعلى القاتل دية حر لورثته الأحرار ، لأن العتيق يتم بالقول عندهم دون أن يقوم عليه . وهذا قول قتادة .

                                                                                                                                                                              وفي هذه المسألة قول ثان : وهو أن يعتق بعتق أحد الشريكين حصته ، ولا يعتق نصيب الآخر منه حتى تقوم على المعتق حصة صاحبه الذي لم يعتق ، ويؤمر بأدائها إلى شريكه ، فإذا أداها عتق العبد كله وله ولاؤه ، وإنما يصير حدا إذا أخذت منه القيمة ، فأما قبل ذلك فلا . هذا قول مالك بن أنس . وقد كان الشافعي يقول إذ هو بالعراق بقول مالك في هذه المسألة ، ثم قال بمصر : فيها قولان : أحدهما كقول مالك ، والقول الآخر كقول الثوري .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : فقياس قول من قال لا يعتق من العبد إلا نصيب المعتق أن يكون على القاتل نصف دية حر ، ولا شيء عليه في حصته [ ص: 402 ] إلا الأدب ، لأن ملكه لم يزل عن حصته بعتق المعتق حيث لم يكن قوم عليه حتى أتلفه .

                                                                                                                                                                              وقال ابن جريج : سألت عطاء عن عبد بين رجلين أعتق أحدهما شطره ، وأمسك الآخر ثم مات ، قال : ميراثه شطران بينهما ، و [قاله] عمرو بن دينار .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن الشعبي أنه قال : في عبد أعتق نصفه ، ثم فجر قال : يضرب خمسة و [سبعين] سوطا .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال في المكاتب : يعتق منه بقدر ما أدى ويرث بقدر ما أدى . ويحجب بقدر ما أدى .

                                                                                                                                                                              والعبد الذي نصفه حر أحكامه في شهادته ونكاحه وحدوده أحكام العبيد في قول الشافعي ، والنعمان .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وإذا كان للرجل عبدان فقتل أحدهما الآخر عمدا فللسيد القود إن شاء في قول مالك ، والشافعي . [ ص: 403 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية