الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر جناية أم الولد

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في جناية أم الولد .

                                                                                                                                                                              فقال كثير من أهل العلم : جنايتها على سيدها ، كذلك قال الحسن البصري ، وإبراهيم النخعي .

                                                                                                                                                                              وقال مالك في جناية أم الولد : على سيدها ما بينها وبين قيمتها .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : يضمن السيد الأقل من قيمتها أو الجناية ، وكذلك قال أحمد ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وهذا قول عوام المفتين من علماء الأمصار ، لأن مذهبهم المنع من بيع أمهات الأولاد اتباعا لعمر بن الخطاب .

                                                                                                                                                                              وفي هذه المسألة قولان آخران : أحدهما : أن حكمها كحكم سائر الإماء ، وهذا على مذهب من رأى بيعهن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وممن كان يبيعهن علي بن أبي طالب ، وابن عباس ، وابن الزبير ، وقد اختلف فيه عنه ، وقال جابر : كنا نبيع أمهات الأولاد والنبي صلى الله عليه وسلم فينا حي لا نرى بذلك بأسا .

                                                                                                                                                                              وقد ذكرت أسانيد هذه الأخبار في كتاب أحكام أمهات الأولاد .

                                                                                                                                                                              وسئل الشعبي عن سرية قتلت امرأة ومولاها حي لم يعتقها [ ص: 410 ] وقد ولدت له قال : هي أمة إن شاء مولاها ودى عنها ، وإن شاء أسلمها برمتها .

                                                                                                                                                                              والقول الثاني : قول قاله أبو ثور قال : إن كان لأهل العلم إجماع فهو على ما قالوا ، وإلا فإن المولى غير متعد بالوطء ولا مانعها من حق ، ولم يكن الوطء بعد الجناية فيكون مانعا من حق ، فليس عليه شيء وإنما هي جارية وليست بحرة ، فيكون في مالها أو عاقلتها ، ولا أمة فيجبر سيدها أن يفديها أو يسلمها .

                                                                                                                                                                              وأرى - والله أعلم - أن تجعل جنايتها على بيت المال .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية