الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر ما يجب على من سب النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                              أجمع عوام أهل العلم على أن على من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم القتل : وممن قال ذلك : مالك بن أنس ، والليث بن سعد ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وهو على مذهب الشافعي ، لأنه ذكر في الكتاب الذي يكتبه الإمام على أهل الجزية : وعلى أن من ذكر محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو كتاب الله ، أو دينه بما لا ينبغي أن يذكر به ، فقد برئت منه ذمة الله ، ثم ذمة أمير المؤمنين وجميع المسلمين ، وحل لأمير المؤمنين ماله ودمه . وقال مالك : ومن شتم النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى قتل إلا أن يسلم . وقيل لابن القاسم : [من شتم الأنبياء ؟ قال : سمعت من مالك] : من شتم النبي صلى الله عليه وسلم فأرى أن يقتل ، ومن شتم الأنبياء من المسلمين فلا يستتاب ، ومن شتمهم من اليهود والنصارى قتل إلا أن يسلم . وحكي عن النعمان أنه قال في الذمي يشتم النبي صلى الله عليه وسلم : لا يقتل ، ما هم عليه من الشرك أعظم . [ ص: 484 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : ومما يحتج به في هذا الباب قصة كعب بن الأشرف ، وخبر أبي برزة عن أبي بكر الصديق .

                                                                                                                                                                              9652 - حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ وعبد الله بن أحمد ، قالا : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا عمرو بن دينار ، قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : قال النبي : "من لكعب بن الأشرف ، فإنه قد آذى الله ورسوله" ، قال محمد بن مسلمة : يا رسول الله ، أتحب أن أقتله ؟ قال : "نعم ، قال : فأذن لي أن أقول . قال : فأذن له ، فأتى محمد بن مسلمة كعبا فقال : إن هذا الرجل قد طلب منا صدقة وعنانا ، وقد جئت أستقرضك . فقال أيضا : والله لتملنه . فقال محمد بن مسلمة : إنا قد تبعناه فنكره أن نتركه حتى ننظر إلى أي شيء يصير أمره . قال : ارهنوني . قالوا : أي شيء نرهنك ؟ قال : ارهنوني أبناءكم . قال : محمد بن مسلمة : يسب ابن أحدنا فيسب يقال رهينة وسقين من تمر . قال : فنساءكم .

                                                                                                                                                                              قال : أنت أجمل العرب فنرهنك نساءنا! ولكن نرهنك اللأمة . قال : نعم . قال : فوعده أن نجئه - وكانوا أربعة سمى عمرو اثنين : محمد بن مسلمة ، وأبو نائلة ، وسمى العبسي عن عكرمة الآخرين : عباد بن بشر ، وأبو عبس بن جبر ، والحارث بن معاذ - قال : فناداه ونزل وهو متوشح ينفح منه ريح الطيب ، فقالوا : ما رأينا كالليلة أطيب ريحا . فقال : عندي [فلانة] أعطر نساء العرب . فقال محمد : أتأذن لي أن أشم ؟ قال : شم . قال : ثم قال : ائذن لي أن أعود . قال : عد . قال : فعاد ، فتشبث برأسه فقال : اضربوه ، فضربوه حتى قتلوه
                                                                                                                                                                              . [ ص: 485 ]

                                                                                                                                                                              9653 - حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ، قال : حدثنا يعلى ، قال : حدثنا الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن أبي برزة ، قال : مررت بأبي بكر وهو يتغيظ على رجل من أصحابه ، فقلت : يا خليفة رسول الله ، من هذا الذي تغيظ عليه ؟ قال : ولم تسأل ؟ قلت : أضرب عنقه . قال : فوالله لأذهب عظم كلمتي غضبه . قال : ما كانت [لأحد] بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد بن حنبل في معنى هذا الحديث : أي لم يكن لأبي بكر أن يقتل رجلا إلا بإحدى ثلاث ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يقتل .

                                                                                                                                                                              9654 - حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبان المقرئ ، قال : حدثنا [ ص: 486 ] المخرمي ، قال : حدثني أبو نعيم ، قال : حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن حصين ، عن مجاهد ، قال : قيل لابن عمر ، إن رجلا سب النبي صلى الله عليه وسلم . قال : لو سمعته لقتلته ، ما صالحناهم على سب نبينا .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية