الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر زوجة المرتد والحكم فيها

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الحكم في زوجة المرتد .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : أي الزوجين ارتد انفسخ النكاح بينهما ساعة يرتد أحدهما ، هذا قول مالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، وأبي ثور ، والنعمان ، وأصحابه . وهذا قول الحسن البصري ، وعمر بن عبد العزيز .

                                                                                                                                                                              وفيه قول سواه : وهو أنها محبوسة على العدة ، فإن انقضت قبل أن يرجع الزوج إلى الإسلام (فقد بانت منه ، وإن رجع إلى الإسلام) وهي في العدة فهما على النكاح . هذا قول النخعي ، والشعبي ، والحكم ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق .

                                                                                                                                                                              وقال الأوزاعي : إذا لحق بدار الحرب مرتدا عن الإسلام قسم [ ص: 516 ] ماله بين ولده وامرأته ، واعتدت التي دخل بها عدد المطلقات ، ولا عدة على التي لم يدخل بها ، ويقوم مدبروه قيمة عدل فيترك لهم الشطر من قيمتهم ، ثم يسعون في الشطر الباقي فيؤدونه إلى ورثة المرتد ، من أجل أنه لم يمت فيعتقون ، وتعتد نساؤه أربعة أشهر وعشرا ، فإن قدم تائبا في عدة نسائه رددن عليه ومدبروه وماله ، فإن لم يرجع حتى تنقضي عددهن لم يرد عليه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : أما حجة الشافعي فأخبار ذكرها من أخبار المغازي في قصة لأبي سفيان بن حرب ذكر أنه أسلم بمر الظهران ورسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر عليها وامرأته هند كافرة ، ومكة يومئذ دار حرب ، ثم قدم عليها ثم أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم فثبتا على النكاح . وذكر عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وزوجتاهما بنحو من هذا المعنى .

                                                                                                                                                                              ومن حجة من قال بالقول الأول ظاهر قوله : ( ولا تمسكوا بعصم الكوافر ) ، قال : فكل امرأة لا يجوز للمسلم أن يبتدئ عقد نكاحها ، فليس يحل له أن يتمسك بعقد نكاح لا يحل له ابتداؤه في تلك الحال .

                                                                                                                                                                              قال : ولا يجوز أن ترجع امرأة المرتد إليه في عدة ولا غير عدة ، إلا بنكاح مستأنف ، لأن الله عز وجل لما حرم أن يبتدأ نكاح المرتد حتى يسلم كان استدباره كذلك ، والأخبار التي احتج بها من خالف هذا [ ص: 517 ] القول لا تثبت ، لأنها من أخبار المغازي بأخبار منقطع ، والمنقطع لا يحتج به .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية