الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر استتابة القدرية وسائر أهل البدع

                                                                                                                                                                              واختلفوا في استتابة أهل البدع مثل القدرية والإباضية .

                                                                                                                                                                              فكان مالك بن أنس يقول في الإباضية والحرورية وأهل الأهواء كلهم : أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا قتلوا ، وحكى ابن القاسم عن مالك أنه قال في القدرية والإباضية : لا يصلى على موتاهم ، ولا تتبع جنائزهم ، ولا يعاد مريضهم .

                                                                                                                                                                              وقال مالك في القدرية : يستتابون ، يقال لهم : اتركوا ما أنتم عليه فإن فعلوا وإلا قتلوا ، وكذلك الجواب في الإباضية .

                                                                                                                                                                              وقال ابن القاسم : هذا قول مالك في الإباضية ، وفي سائر أهل البدع .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز أن قائلا قال له في القدرية : يستتيبهم أو يعرضهم على السيف قال : ذاك رأيي .

                                                                                                                                                                              وأما الشافعي فكان يذم الكلام ذما شديدا غير أنه لا يرى أن يستتاب [ ص: 519 ] القدري ، لأني سمعت الربيع : سمعت الشافعي يقول : كان إبراهيم بن أبي يحيى قدريا وقد روى عنه الشافعي ، وسمعت الربيع يقول : نزل الشافعي فرأى جماعة يتكلمون في الكلام فقال : إما أن تجالسونا بخير ، وإما أن تنصرفوا عنا ، أو كلاما هذا معناه . قال : وسمعت الشافعي يقول : لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيء من الأهواء ، وللشافعي في هذا الباب حكايات هي مذكورة في غير هذا الموضع .

                                                                                                                                                                              وقال شبابة وأبو النضر هاشم بن القاسم أن المريسي كافر جاحد يستتاب ، فإن تاب وإلا ضربت عنقه . [ ص: 520 ]

                                                                                                                                                                              وقال يزيد بن هارون : جهم كافر ، قتله سلم بن أحوز بأصبهان على هذا القول .

                                                                                                                                                                              وقال عبد الرحمن بن مهدي : ما كنت لأعرض أحدا من أهل الأهواء على السيف إلا الجهمية ، فإنهم يقولون قولا منكرا .

                                                                                                                                                                              وقيل للثوري : رجل يكذب بالقدر أصلي وراءه ؟ قال : لا تقدموه .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد بن حنبل في المرجئ : إذا كان داعيا : لا يصلى خلفه ، وقال فيمن صلى خلف [جهمي] يعيد ، وكذلك الرافضي . ورد شريك شهادة أبي يوسف وقال : [ألا] أرد شهادة قوم يزعمون أن الصلاة ليست من الإيمان ؟ ! . [ ص: 521 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية