الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الحائط المائل يشهد على صاحبه فيسقط ويتلف نفسا أو مالا

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الحائط المائل يشهد على صاحبه [فقالت طائفة : إن أشهد على صاحبه] فأتلف شيئا فصاحبه ضامن .

                                                                                                                                                                              كذلك قال الحسن ، وإبراهيم النخعي ، وقتادة ، وروي ذلك عن شريح . وبه قال أصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : يضمن ما أصاب الحائط أشهد عليه أو لم يشهد . وهذا قول إسحاق بن راهويه .

                                                                                                                                                                              وهكذا قال أبو ثور إذا علم بميل الحائط فتركه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد احتج بعض من يميل إلى هذا القول بأن من قول [ ص: 335 ] من خالفنا أن من أشرع جناحا فخرج من حده فأصاب شيئا فهو ضامن ، فإذا مال الحائط فقد خرج من حده ، فكل شيء أصاب ما خرج من حده فهو له ضامن أشهد أو لم يشهد ، لأن إقراره الشيء الخارج من حده كإحداثه فعليه في هذا إذا سقط وأفسد ما عليه فيما أشرع خارجا من حده .

                                                                                                                                                                              وقد حكي عن ابن أبي ليلى أنه قال : إذا مال الحائط وجب عليه هدمه ، فإن تركه أقل ذلك ضمن .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث : قاله الشافعي قال : لو مال حائط من دار فوقع على إنسان فمات ، فلا شيء فيه ، وإن أشهد عليه ، لأنه وضعه في ملكه ، والميل حادث من غير فعله ، وقد أساء بتركه ، وما وضعه في ملكه فمات به إنسان فلا شيء عليه .

                                                                                                                                                                              وكان سفيان الثوري يقول : إذا لم يشهد عليهم لم يضمنوا . قال : وإن كان قائما وهو مشقوق لم [يجبروا] على نقضه ، وإن كان مائلا جبروا على أن ينقضوه ، فإن أخذوا في نقضه فوقع على أحدهم فهم ضامنون ، وإن أشهد عليهم رجلا فقال له بعد الذي أشهد عليه : لا أريد أن أغرمك قد رجعت فيما أشهدت ، فقوله هذا ليس بشيء ، قد مضت الشهادة ، وإن مات الذي أشهد عليه فينبغي أن يشهدوا على الورثة ، لأنه ملكه غيره ، وإن باعه أشهد على الذي ابتاعه ، قد مضت شهادة الذين أشهد عليهم . [ ص: 336 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية