الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر ارتداد العبد والأمة وجنايتهما في حال ارتدادهما

                                                                                                                                                                              كان مالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، والنعمان يقولون : إذا ارتد العبد عن الإسلام فاستتيب فلم يتب : أن قتله يجب . ابن القاسم ، عن مالك ، والوليد بن مزيد عن الأوزاعي ، والربيع عن الشافعي . ولا أحفظ عن غيرهم خلاف قولهم .

                                                                                                                                                                              وقال النعمان في العبد : إذا جنى وهو مرتد فجنايته كجناية غير المرتد ، فإن جنى عليه وهو مرتد ، فليس على الذي جنى عليه شيء ، لأن دمه حلال .

                                                                                                                                                                              وقال الأوزاعي : إذا حل دمه فقد خرج من ملك سيده فجنايته هدر ، فإن راجع الإسلام كانت جنايته في رقبته .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول : ولو كان الجاني المرتد عبدا أو أمة فجنى [ ص: 482 ] على من بينه وبينه القود كان لولي المجني عليه الخيار في القتل ، أو أخذ العقل في رقبة الجاني ، فإن أراد القود فهو له ، وإن أراد العقل فهو له في رقبة الجاني إلا أن يفديه سيده ، فإن فداه سيده قتل على الردة ، وإن لم يفده قتل على الردة إلا أن يتوب فيباع ، فيعطى ولي المجني عليه قيمة جنايته ، ويرد الفضل إن كان فيه فضل عن الجناية على سيده ، ولو جنى وهو مرتد عبد ثم عته فاختار ولي الدم العقل ولم يتطوع مولاه بأن يفديه بيع مرتدا معتوها فأعطى ولي الجناية قيمة جنايته ، ورد فضل إن كان في ثمنه على سيده ، وإذا أفاق ولم يتب قتل على الردة ، ولا يباع إلا بالبراءة من الردة والعته ، وما أحدث العبد من الجناية في الردة مخالفة ما أحدث من الدين ، من قبل أن الجناية لا تسقط عن صبي ، ولا محجور عليه ، ولا عبد ، لأنها بغير إذن المجني عليه ، والدين يسقط عن المحجور عليه ، وعن العبيد ما كانوا في الرق ، لأنه بإذن رب الدين .

                                                                                                                                                                              وقال الليث بن سعد في العبد يرتد عن الإسلام ويجني جناية فإن رجع إلى الإسلام وكان تعمدا فأراد الحر أن يقتص منه اقتص ، وإن أكره ذلك افتداه سيده أو بيع فيه رقبته . وإن كان لم يتعمد فلا قصاص عليه ، والعقل في رقبته إلا أن يفديه سيده .

                                                                                                                                                                              وقال النعمان وأصحابه : جناية العبد وهو مرتد كجنايته وهو غير مرتد . [ ص: 483 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية