الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر تغليظ الدية على من قتل في الحرم أو في الشهر الحرام أو قتل محرما

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يقتل في الحرم ، أو في الشهر الحرام ، أو قتل محرما : فقالت طائفة : فيه دية وثلث .

                                                                                                                                                                              روي هذا القول عن عمر بن الخطاب . [ ص: 161 ]

                                                                                                                                                                              وروي عن عثمان أنه قضى في امرأة قتلت بمكة بستة آلاف ديتها ، وألفين تغليظا للحرم .

                                                                                                                                                                              وروينا عن ابن عباس أنه جعل في رجل قتل في البلد الحرام في شهر حرام ديته اثنا عشر ألفا ، وللشهر الحرام أربعة آلاف ، وللبلد الحرام أربعة آلاف فكمل عشرين ألفا .

                                                                                                                                                                              9411 - حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى ، قال : حدثنا أبو عمر الحوضي ، قال : حدثنا يزيد بن إبراهيم ، قال : حدثنا ليث ، عن مجاهد ، عن عمر أنه قال : من قتل في الحرم أو قتل محرما أو قتل في الشهر الحرام ، فعليه الدية وثلث الدية .

                                                                                                                                                                              9412 - حدثنا علي بن الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، عن سفيان ، قال : أخبرنا ابن أبي نجيح ، عن أبيه ، أن امرأة قتلت بمكة فقضى فيها عثمان بستة آلاف ديتها ، وألفين تغليظا للحرم .

                                                                                                                                                                              9413 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن [ . . . . ] اثني عشر [ ص: 162 ] ألفا ، وللشهر الحرام أربعة آلاف ، وللبلد الحرام أربعة آلاف ، فكمل عشرين ألفا .

                                                                                                                                                                              وممن قال أن على من قتل في الحرم دية وثلث : سعيد بن المسيب ، وعطاء بن أبي رباح ، وسليمان بن يسار ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وجابر بن زيد ، والزهري ، وقتادة .

                                                                                                                                                                              وقال مجاهد ، والزهري [وعروة بن الزبير في الذي يقتل في الشهر الحرام دية وثلث دية : وقال جابر بن زيد ، وعطاء ، والزهري ] ومجاهد : من قتل وهو محرم ففيه دية وثلث دية .

                                                                                                                                                                              وقال قتادة : فيمن قتل وهو محرم : دية مغلظة .

                                                                                                                                                                              وحكي عن الأوزاعي أنه قال : تغلظ الدية في الشهر الحرام ، وفي الحرم العقل مع الثلث .

                                                                                                                                                                              وكان أحمد بن حنبل يقول : من قتل محرما في الشهر الحرام يزاد عليه في كل واحد ثلث الدية ، فتصير ديته أربعة وعشرين ألفا .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : يشبه أن يكون أراد محرما في الشهر الحرام في البلد الحرام . [ ص: 163 ]

                                                                                                                                                                              وقال أحمد : فيمن يصاب في الحرم أو في الشهر الحرام : دية وثلث . وهكذا قال إسحاق .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : التغليظ في أسنان الإبل ، لا الزيادة في العدد . روي هذا القول عن طاوس . وبه قال الشافعي ، وهو أن الذي يجب فيما ذكرنا : ثلاثون حقة ، وثلاثون جذعة ، وأربعون خلفة في بطونها أولادها .

                                                                                                                                                                              وأنكرت طائفة التغليظ أصلا وقالت : حكم الدية في جميع البقاع وعلى جميع الأحوال حكما واحدا ، وليس مع من فرق بين أحكامها فجعل بعض ذلك أغلظ من بعض حجة من كتاب ولا سنة ولا إجماع ، كان الشعبي وإبراهيم يقولان فيمن قتل في أشهر الحرم أو البيت الحرام : ليس عليه تغليظ في الدية . وقال الحسن البصري : لا يزاد الذي يقتل في الحرم على دية الذي يقتل في الحل . وحكي عن النعمان وابن الحسن أنهما قالا : لا يزاد على الدية شيئا . وبلغني عن [ ص: 164 ] عمر بن عبد العزيز أنه طرح الزيادة في الشهر الحرام . وحكي ذلك عن مالك .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية