الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر حكم ولد المرتد

                                                                                                                                                                              واختلفوا في ولد المرتد وولد المعاهد اللاحق بدار الحرب ، فكان الشافعي يقول في المسلم يرتد عن الإسلام : أن حكم ولده حكم الإسلام ، فإن بلغ وأبى الإسلام استتيب ، فإن تاب وإلا قتل ، ولا تسبى للمرتد ذرية امتنع المرتد في داره أو لم يمتنع ، لحق بدار الحرب أو أقام في دار الإسلام ، لأن حكم الإسلام قد ثبت للذرية بحكم الإسلام في [ ص: 509 ] الدين والذرية ، ولا ذنب لهم في تبديل آبائهم ، ويوارثون ويصلى عليهم . ولو ارتد المعاهدون وامتنعوا [أو] هربوا وعندنا ذراري لهم [لم] نسبهم ، وقلنا لهم إذا بلغوا : إن شئتم فلكم العهد وإلا نبذنا إليكم ، فاخرجوا من بلاد الإسلام ثم أنتم حرب .

                                                                                                                                                                              وكان الأوزاعي يقول في الرجل يتنصر ويتزوج في أرض العدو وولد له أو أسرت امرأته فولدت أولادا منهم ، ثم أسرهم المسلمون جميعا فعرض عليهم الإسلام فأبى أن يسلم ؟ قال الأوزاعي : إن كانت امرأته سبيت معه فأيهما راجع الإسلام ألحقت به ذريته ، وإن كان تزوج في أرض الحرب وولد له ثم راجع الإسلام ألحقت به ذريته ، ووضعت امرأته في المقاسم ، فإن أبى أن يسلم قتل ، ووضعت امرأته وولدها في المقاسم .

                                                                                                                                                                              وقال النعمان : إذا ارتد الرجل وامرأته عن الإسلام جميعا معا فهما على النكاح ، فإن لحقا بدار الحرب فحبلت امرأته في دار الحرب فولدت ثم [ظهر] على ولدها ، فإنه فيء ويجبر على الإسلام إذا سبي صغيرا ، وإن ولد لولدهما ولد ثم ظهر على ولد الولد كان فيئا ولم [ ص: 510 ] يجبر على الإسلام ، ولو جاز هذا لأحد لأجبر الناس كلهم ، لأنهم أولاد آدم ونوح ، إنما يجبر على الإسلام المرتدون وأولادهم لأصلابهم . فأما أولاد أولادهم الذين ولدوا في دار الحرب فهم فيء ، ولا يجبرون على الإسلام .

                                                                                                                                                                              وقال النعمان ومحمد : ارتداد الصبي الذي يعقل ارتداد ، إلا أنه لا يقتل ويجبر على الإسلام ، وإسلامه إسلام ، ولا يرث أبويه إن كانا كافرين .

                                                                                                                                                                              وقال يعقوب : ارتداده ليس بارتداد ، وإسلامه إسلام .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية