الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر صفة اليمين في القسامة :

                                                                                                                                                                              ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحلف بغير الله ، وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من حلف بالله على الشيء يفعله أو لا يفعله أنه حالف . واختلفوا في كيفية اليمين في القسامة .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : اليمين في القسامة : والله الذي لا إله إلا هو ، لهو [ ص: 448 ] ضربه ، ومن ضربه مات . هكذا قال مالك بن أنس .

                                                                                                                                                                              وقيل لمالك : لا نرى أن يزاد في اليمين : عالم الغيب والشهادة ؟ قال : ولا أرى أن يستحلف السلطان بذلك .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : وإذا وجبت لرجل قسامة حلف بالله الذي لا إله إلا هو عالم خائنة الأعين وما تخفي الصدور لقد قتل فلان فلانا منفردا بقتله ما شركه في قتله غيره ، وقد قال الشافعي في كتاب اليمين مع الشاهد : وإذا حلف الرجل على حق نفسه بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة والرحمن الرحيم ، الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية ، أن ما شهد به شاهدي فلان ابن فلان عليك لحق .

                                                                                                                                                                              وقال النعمان : يحلف بالله الذي لا إله إلا (هو) ، فإن اتهمه القاضي غلظ عليه اليمين فقال : والذي لا إله إلا هو ، عالم الغيب والشهادة ، الرحمن الرحيم ، الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية ، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .

                                                                                                                                                                              وقال الليث بن سعد : يحلف بالله ما قتلت ولا علمت قاتلا .

                                                                                                                                                                              9631 - وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم حدثناه علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا عبد الله بن رجاء ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي [ ص: 449 ] عبيدة ، عن عبد الله قال : انتهيت إلى أبي جهل يوم بدر . . . . وذكر الحديث ، قال : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له : قتل الله أبا جهل . فقال : "والله الذي لا إله إلا هو" - ثلاث مرات - فقلت : والله الذي لا إله إلا هو ، ثلاث مرات . . . . وذكر باقي الحديث .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : هذا لا يثبت ، لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : والذي يجب أن يستحلف به المدعى عليه بالله ، أو يقول له المستحلف (بالله) ، ولو استحلفه الحاكم بالله الذي لا إله إلا هو كان مذهبا ، لأن ذكره في حديث أبي موسى ، والاقتصار على الاستحلاف بالله أحب إلي إلا أن يثبت حديث أبي موسى فلا يكون في القلب إذا استحلف على ما في حديث أبي موسى شيء . والله أعلم .

                                                                                                                                                                              واختلف مالك والشافعي في الأيمان تكون فيها الكسور .

                                                                                                                                                                              فقال مالك : إذا قسمت بينهم نظر إلى الذي يكون عليه أكثر تلك اليمين فتجبر عليه تلك اليمين . [ ص: 450 ]

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : في الميت يخلف ثلاث بنين فتكون حصة كل واحد منهم سبعة عشر يمينا إلا ثلثا ، فلا يجوز في اليمين كسر من وقع عليه أو له كسر يمين جبرها ، وسواء كانت زوجة أو غير زوجة يجبر الكسور في مذهبه على كل من وقع عليه كسر يمين .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية