الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              كتاب العدة

                                                                                                                                                                              ذكر عدة المتوفى عنها زوجها

                                                                                                                                                                              قال الله - جل من قائل - : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) الآية. وثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال للفريعة بنت مالك بن سنان - وكان متوفى عنها: - "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله" .

                                                                                                                                                                              وأجمع أهل العلم على أن عدة الحرة المسلمة التي ليست بحامل من وفاة زوجها: أربعة أشهر وعشرا، مدخولا بها وغير مدخول بها، صغيرة لم تبلغ، أو كبيرة قد بلغت .

                                                                                                                                                                              7779 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني مالك بن أنس، وسعيد بن عبد الرحمن، ويحيى بن عبد الله بن سالم، وابن لهيعة، وغيرهم أن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة [ ص: 504 ] حدثهم، عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة، أن الفريعة بنت مالك بن سنان - وهي أخت أبي سعيد الخدري - أخبرتها أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم لتسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة، وأن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كان بطرف القدوم أدركوه، فقتلوه، قالت: فسألته أن يأذن لي أن أرجع إلى أهلي، فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه، ولا نفقة، قالت: وقلت: يا رسول الله أتأذن لي أن أنتقل إلى أهلي؟ قالت: فقال: "نعم"، قالت: فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني، - أو أمر بي فدعيت له - فقال: كيف قلت؟ فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي، فقال: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله"، قالت الفريعة: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا، فلما أن كان عثمان بن عفان رضي الله عنه أرسل إلي فسألني فاتبعه وقضى به .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: في حديث الفريعة أمر المتوفى عنها زوجها بالمقام في المسكن الذي كانت تسكنه حتى تنقضي العدة، وإن كان المسكن ملكا لغيرهما .

                                                                                                                                                                              وفيه إجازة: أن يضاف المسكن إلى المساكن، وإن لم يكن مالكه. وهذا الحديث حجة على من زعم أن للمتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت. ودلالة أخرى وهو أن الله - تبارك وتعالى - قد [ ص: 505 ] يوجب الحكم في كتابه، ويوجب على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم في ذلك الشيء معنى آخر لم يذكره في كتابه، لأن الله عز وجل أوجب على المتوفى عنها زوجها أن تتربص أربعة أشهر وعشرا، وأوجب على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم المقام في المنزل الذي كانت تسكنه وأوجب الإحداد، ونظير ذلك أن الله أوجب على الزاني الحد في كتابه، وأوجب النفي على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية