ولكن استعمال لفظ «التخيل» و«التوهم» في هذا من جنس استعمال لفظ الاعتقاد الفاسد، والظن والجهل، فيما لا يكون مطابقا، وإن كان جنس الاعتقاد قد يكون حقا وعلما، وكثيرا ما يستعمل فيما يتخيله ويتوهمه، مما يكون له حقيقة في الخارج، فيكون التخيل والتوهم، ولفظ التخيل والتوهم صادقا مطابقا، مثل ما يتخيل الإنسان في نفسه، ما أدركه بصره وغيره من الحواس، ويتوهم في نفسه ما علمه من الصفات، إذ قد يصطلح بعض أهل الطب والفلسفة، على أن التخيل للصور، والتوهم للمعاني التي فيها. ولفظ التخيل والتوهم، يعم القسمين المطابقين وغير المطابق، كما يعم لفظ الخبر للخبر الصادق والكاذب، ولفظ الكلام للحق والباطل، ولفظ الإرادة [ ص: 316 ] للمحمود والمذموم، ولفظ الظن والحسبان للمصيب والمخطئ، ولفظ الاعتقاد للحق والباطل. فما يتخيله الإنسان ويتوهمه، قد يكون حقا أو باطلا، مثل ما يعتقده، ويظنه، ومنه سمي السحاب مخيلة، لأنه يخال فيه المطر، وفي حديث عائشة رضي الله عنها ومنه قول الشاعر: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى مخيلة أقبل وأدبر، فإذا رأى المطر جلس»
أنى رأيت مخيلة لمعت وتلألأت كمواقع القطر
فهذا في التخيل.