وروى في صحيحه عن مسلم ثنا سفيان بن عيينة، عن أبيه، عن سهيل ابن أبي صالح رضي الله عنه، قال: أبي هريرة قال: هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة، ليست في سحابة؟ قالوا: لا. قال: فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة؟ قالوا: لا. قال: فوالذي نفسي بيده، لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤية أحدهما. [ ص: 38 ] قال: فيلقى العبد فيقول: أي فل، ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى يا رب. قال: فيقول: أفظننت أنك ملاقي؟ قال: فيقول: لا. فيقول: فإني أنساك كما نسيتني. ثم يلقى الثاني فيقول: أي فل، ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع فيقول: بلى يا رب. فيقول له: أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا. [ ص: 39 ] فيقول: فإني أنساك كما نسيتني. قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟
ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك، فيقول: أي رب، آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصليت وصمت وتصدقت، ويثني بخير ما استطاع، فيقول: ههنا إذا. قال: ثم يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك، ويتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد علي، فيختم على فيه ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي، فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله، وذلك ليعذر من نفسه، وذلك المنافق، وذلك الذي يسخط الله عليه.
وروى في سننه بعض هذا الحديث، وهو [ ص: 40 ] الإخبار بالرؤية في الرد على أبو داود الجهمية، وهذا الحديث محفوظ من حديث عن سفيان بن عيينة سهيل، وليس في الصحيح عن لابن عيينة سهيل غير هذا الحديث. ولكن روى منه الطرف الذي احتاج إليه وهو أوله، وترك رواية باقيه؛ لأنها في الطرق المقدمة التي هي أشرف من هذه الطريق من حديث مسلما عن الزهري سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد، ومن حديث عن عطاء بن يسار ولأن رواية أولئك لتلك الطرق أتم وتمام الحديث قد رواه أبي سعيد، كما رواه النسائي أحمد قال: وابن [ ص: 41 ] خزيمة
فقال يا رسول الله، إن هذا عبد [ ص: 42 ] لا توى عليه، يدع بابا ويلج آخر، فضرب كتفه وقال: إني لأرجو أن تكون منهم. أبو بكر رضي الله عنه ثم ينادي مناد: ألا تتبع كل أمة ما كانت تعبد، فيتبع الشيطان والصليب وأولياؤهم على جهنم، وبقينا أيها المؤمنون، فيأتينا ربنا فيقول: على ما هؤلاء؟ فنقول: نحن عباد الله المؤمنون، آمنا بربنا ولم نشرك به شيئا، وهو ربنا تبارك وتعالى، وهو يأتينا، وهو يثبتنا، وهذا مقامنا حتى يأتينا ربنا. فيقول: أنا ربكم، فانطلقوا. فننطلق حتى نأتي الجسر وعليه كلاليب من نار تخطف. عند ذلك تحل الشفاعة، أي اللهم سلم، اللهم سلم، فإذا جاوزوا الجسر فكل من أنفق زوجا من المال في سبيل الله مما يملك فتكلمه خزنة الجنة تقول: يا عبد الله يا مسلم، هذا خير.
قال حدثنا ابن خزيمة: محمد بن منصور الجواز قال: ثنا سفيان قال: ثنا عن أبيه عن سهيل بن أبي صالح رضي الله عنه، وحفظته أنا أبي هريرة وردده علينا مرتين أو ثلاثة، وذكر الحديث. وروح بن القاسم،
قال حدثنا ابن خزيمة: محمد بن ميمون المكي قال: ثنا [ ص: 43 ] سفيان ... فذكر الحديث بطوله وقال: سمعت محمد بن ميمون يقول: سئل سفيان عن تفسير حديث «ترأس وتربع» فقال: كان الرجل إذا كان رأس القوم كان له المرباع وهو الربع وقال: سهيل بن أبي صالح حين قال: يا رسول الله، إني على دين. قال: أنا أعلم بدينك منك، إنك تستحل المرباع ولا يحل لك. لعدي بن حاتم قال النبي
وهذا الحديث صريح في لقاء الكفار والمنافقين لله وخطابه لهم كما ذكر القرآن في غير موضع، وكما جاء هذا [ ص: 44 ] في عدة أحاديث صحيحة من حديث رضي الله عنه أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهم وغيرهم. وعدي بن حاتم
وفيه أن هذا يكون قبل أن ينادي ذلك المنادي: فإن هذا هو «لتتبع كل أمة ما كانت تعبد». محاسبة العباد، فإذا حوسبوا أمروا بأن يتبعوا آلهتهم ويتجلى الرب لعباده المؤمنين ويتبعونه، وينصب الجسر على ظهر جهنم فيعبر عليه المتقون ويذر الظالمين فيها جثيا.
ومعلوم أن المؤمنين لقوه في تلك الحال قبل مناداة المنادي باتباع كل أمة ما كانت تعبد، وهذا هو -والله أعلم- الرؤية المذكورة في حديث أبي سعيد وغيرهما، حيث قال: وأبي هريرة وفي صورته التي يعرفون، وهي تلك الصورة التي رأوه فيها لما لقوه وخاطبهم قبل المناداة [ ص: 45 ] وذلك كان عاما للعباد كما يدل عليه سائر الأحاديث، وبعد هذا حجب الكفار، كما دل عليه القرآن، وقد جاء ذلك مبينا في حديث «فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، أبي رزين كالحديث المحفوظ عن وابن مسعود، رضي الله عنه، رواه ابن مسعود وغيره عن ابن خزيمة عبد الله بن عكيم قال: سمعت بدأ باليمين قبل الحديث فقال: عبد الله بن مسعود والله إن منكم من أحد إلا سيخلو الله به كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر، أو قال: ليلته، يقول: يا ابن آدم ما غرك، ابن آدم ما غرك، ابن آدم ما عملت فيما علمت، ابن آدم ماذا أجبت المرسلين؟
وأما حديث أبي رزين فهو مشهور في السنن والمسانيد، لكن أهل السنن يختصرون من الحديث ما يناسب السنن على [ ص: 46 ] عادتهم.