الوجه الرابع العلم بهذا إما أن يكون من العقل الجسماني ومقتضى الحس والخيال، أو [ ص: 120 ] لا يكون، فإن كان من هذا القسم وهو مقبول قبل نظيره: وما هو أولى منه فتبطل هذه الحجة لأن هذا العقل يحكم بأن الموجود لا بد أن يكون داخل العالم أو خارجه، وإن لم يكن مقبولا بطلت هذه الحجة. قوله: " إنه إذا كان على العرش، وكان عظيما فلا بد أن يكون له جانبان: جانب عن يمين العرش وجانب عن يساره، ويكون أحدهما غير الآخر.
وإن قيل: " إن هذا ليس من حكم العقل الجسماني ومقتضى الحس والخيال، وهو قد حكم بأن الموجود العظيم الذي فوق غيره لا بد أن يكون جسما يتميز منه جانب عن جانب، بأن يقال: إن الحكم بأن الموجود إما أن يكون داخل العالم أو خارجه وأنه يمتنع وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه، أولى بأن لا يكون من حكم العقل الجسماني ومقتضى الحس والخيال، لأن الحكم الأول فيه تصريح بأنه جسم. فإن كان الحكم بأن الشيء جسم ليس من مقتضى العقل الجسماني ومقتضى الحس فالحكم بما لم يصرح فيه بالجسم بل حكم فيه على الوجود مطلقا أولى بذلك، ولهذا يكون مثل هذا الحكم من العلم الأعلى عندهم ومن العلم الإلهي، وأما الأول ففيه [ ص: 121 ] نوع من العلم الطبيعي الجسماني قطعا.