فإذا كان قول ابن كلاب وأئمة أصحابه، وهو الذي ذكروا أنه والأشعري وتقرير ما ورد من النصوص الدالة على أنه فوق العرش وأن تأويل "استوى" بمعنى "استولى" هو تأويل المبطلين ونحو ذلك علم أن هذا اتفق عليه سلف الأمة وأهل السنة أن الله فوق العرش وأن له وجها ويدين الرازي ونحوه هم المخالفون [ ص: 383 ] لأئمتهم في ذلك وأن الذي نصره ليس هو قول ابن كلاب وأئمة أصحابه، وإنما هو صريح قول والأشعري الجهمية والمعتزلة ونحوهم، وإن كان قد قاله بعض متأخري الأشعرية كأبي المعالي ونحوه.
وكذلك نقل الناس مذهبهم كما قال الإمام أبو بكر محمد بن الحسن الحضرمي القيرواني الذي له الرسالة التي سماها برسالة الإيماء إلى مسألة الاستواء لما ذكر اختلاف [ ص: 384 ] المتأخرين في الاستواء، قول صاحب التفسير الكبير الطبري يعني أبا جعفر وأبي محمد [ ص: 385 ] عبد الله بن أبي يزيد والقاضي عبد الوهاب وجماعة من شيوخ الحديث والفقه وهو ظاهر بعض كتب القاضي أبي بكر وحكاه عنه [ ص: 386 ] أعني القاضي وأبي الحسن يعني الأشعري، أبا بكر القاضي عبد الوهاب نصا وهو أنه سبحانه مستو على العرش بذاته، وأطلقوا في بعض الأماكن فوق عرشه، قال القاضي أبو بكر: وهو الصحيح الذي أقول به من غير تحديد ولا تمكين في مكان ولا كون فيه ولا مماسة.
قال أبو عبد الله القرطبي في كتاب شرح الأسماء الحسنى: هذا قول القاضي أبي بكر في كتاب تمهيد [ ص: 387 ] الأوائل، وقاله الأستاذ في شرح أوائل الأدلة له وهو قول أبو بكر بن فورك أبي عمر بن عبد البر [ ص: 388 ] وغيرهما من الأندلسيين، وقول والطلمنكي في شعار الدين ثم قال بعد أن حكى أربعة عشر قولا، وأظهر الأقوال ما تظاهرت عليه الآي والأخبار والفضلاء الأخيار أن الله على عرشه كما أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف بائن من جميع خلقه، هذا مذهب السلف الصالح فيما نقل عنهم الثقات. الخطابي
[ ص: 389 ] وقال هذا في تفسيره الكبير قوله تعالى: القرطبي ثم استوى على العرش [يونس 3] هذه مسألة الاستواء وللعلماء فيها كلام وأجزاء، وقد بينا أقوال العلماء فيها في كتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى وذكرنا فيها هناك أربعة عشر قولا.