يقال: قد ادعى في هذا الوجه أن ظاهر القرآن الذي هو حجة الله على عباده وهو خير الكلام وأصدقه وأحسنه، وهو الذي هدى الله به عباده، وجعله شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين، ادعى أن ظاهر كلامه أنه شخص له وجه فيه أعين كثيرة، وله جنب واحد وعليه أيد كثيرة، وله ساق واحد؛ فقد ادعى أن ظاهر ما وصف الله به نفسه في كتابه أنه على هذه الصورة الشنيعة القبيحة فلا يكون الله كما وصف به نفسه، إذ قد وصف نفسه بأقبح الصفات في ظاهر خطابه.
[ ص: 463 ] ويكفي المرء المؤمن أن يعلم أن هؤلاء يجعلون القرآن بهذه الصفة، فهل هذا إلا من جنس قول الذين جعلوا القرآن عضين، فعضوه بالباطل، وقالوا هو شعر أو سحر أو مفترى؟ بل هذا أقبح من ذلك، فإن أولئك اتفقوا على عظمة الكلام وارتفاع قدره لفظا ومعنى، لم يدعوا أن ظاهره وصف الخالق بما لا توصف به القردة والخنازير / ، ولو كان هذا ظاهر القرآن لكان هذا من أقوى الوجوه للذين جعلوا القرآن عضين.