قال في " الإبانة ": " باب الأشعري الجهمية في [ ص: 402 ] نفيهم علم الله وقدرته، قال الله تعالى الرد على أنزله بعلمه [النساء: 166] وقال سبحانه: وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه [فصلت: 47، فاطر: 11] وذكر العلم في خمسة مواضع من كتابه، فقال سبحانه: فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله [هود: 14] وقال سبحانه وتعالى: ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء [البقرة: 255] وذكر تعالى القوة فقال: أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة [فصلت: 15] وقال سبحانه: ذو القوة المتين [الذاريات: 58] وقال الله تعالى: والسماء بنيناها بأيد [الذاريات: 47] قال: الجهمية والقدرية أن الله عز وجل لا علم له ولا حياة ولا سمع ولا بصر، وأرادوا أن ينفوا أن الله عالم قادر حي سميع بصير، فمنعهم من ذلك خوف السيف من إظهارهم ذلك، فأتوا بمعناه لأنهم إذا قالوا: لا علم ولا قدرة لله فقد قالوا: ليس بعالم ولا قادر، ووجب ذلك عليهم. إنما أخذوه عن أهل الزندقة والتعطيل، لأن الزنادقة قال كثير منهم: ليس بعالم ولا قادر ولا حي ولا سميع ولا بصير، فلم تقدر " وزعمت المعتزلة أن تفصح [ ص: 403 ] بذلك، فأتوا بمعناه، وقالت: إن الله عالم قادر حي سميع بصير من طريق التسمية، من غير أن نثبت له علما وقدرة وسمعا وبصرا".
وهؤلاء الذين ذكر قولهم قالوا: ليس بعالم ولا قادر ولا حي ولا سميع ولا بصير، وهؤلاء شر من الملاحدة الذين تقدم ذكرهم وحكاية الرازي قولهم الذين يقولون: لا نقول موجود ولا معدوم ولا حي ولا ميت ولا عالم ولا جاهل. فإن أولئك امتنعوا من التسمية بالضدين. لم ينفوا أن يكون هو تعالى في نفسه موصوفا بأحدهما، فهؤلاء الذين نفوا ذلك أعظم من أولئك. وقد أخبر أن قول المعتزلة مأخوذ من هؤلاء.