والمقصود هنا، أن فتلك الأنوار المعاني الشريفة، ثم إذا جحدها كان في ظلمة الجحود والتعطيل، ومن فسرها بغير المراد كان مثله كظلمات في بحر لجي، ومن لم يعرفها ولا قال شيئا فهو كسراب بقيعة، وهذا وإن كان عمومه يتناول من كذب بمعاني [ ص: 510 ] القرآن التي جاءت بها الرسل كالملاحدة، فمن كذب ببعضها وجحده فله نصيب من ذلك بحسب ما كذب به وجحده، وإن كان له نصيب من الإيمان ببعضها من وجه آخر، فقد يجتمع في الرجل شعبة إيمان وشعبة نفاق كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كان يجحد معاني القرآن التي أرادها الله تعالى به، فإنه لا يحصل له هذا النور، لا نور القرآن ولا نور الإيمان، «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر».
وفي الصحيحين عن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبي هريرة «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها: قول لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة [ ص: 511 ] الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان».