ولهذا كان أهل الإثبات على فريقين:
منهم من يقول: بل هو في جهة وحيز؛ لأنه فوق العرش، وهذا مما دخل في عموم كلام النافي، والنافية الكلية السالبة تناقض بإثبات معين كما في قوله تعالى: وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى [الأنعام 91] ومقصود هذا المثبت وهو ما فوق العرش. جهة معينة وحيزا معينا
ومنهم من لا يطلق أنه في جهة ولا في حيز، إما لأن [ ص: 306 ] هذا اللفظ لم ترد به النصوص وإما لأنه مطلق لا يبين المقصود الحق وهو أنه على العرش وفوق العالم، وإما لأن لفظه لا يفهم أو يوهم معنى فاسدا مثل كونه قد أحاط به بعض المخلوقات؛ فإن كثيرا من عامة النفاة، وإن كان مشهورا عند الناس بعلم أو مشيخة أو قضاء أو تصنيف قد يظن أن قول من قال إنه في السماء أو في جهة معناه أن السموات تحيط به وتحوزه، وكذلك إذا قال: متحيز، يظن أن معناه الحيز اللغوي وهو كونه تحيز في بعض مخلوقاته، حتى إنهم ينقلون ذلك عن منازعهم إما عمدا أو خطأ، وربما صغروا الحيز حتى يقولوا إن الله في هذه البقعة أو هذا الموضع ونحو ذلك من الأكاذيب المفتراة.