ومما ينبغي أن يعلم أن مثل من ينكر من المبطل إذا أراد أن ينفي ما أثبته القرآن أو يثبت ما نفاه لم يصادم لفظ القرآن إلا إذا أفرط في الجهل؛ الجهمية إطلاق القول بأن الله كلم موسى تكليما أو أن الرحمن على العرش استوى [طه 5] ونحو ذلك، وقد يقول: إنما أنكرت إطلاقه؛ لأن مطلقه عنى به معنى فاسدا، ويكون المطلق لم يعن غير ما عناه الله ورسوله، ومنهم من لا يمكنه منع إطلاق اللفظ فيطلق من التصريف ما جاء به نص آخر وما هو من لوازم هذا النص مثل أن يقول: يقال: الرحمن على العرش استوى [طه 5] ولا يقال الله ولا الرب [ ص: 303 ] على العرش استوى أولا يقال هو مستو فإذا قيل لأحد هؤلاء، فقد قال في الآية الأخرى : إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش [الأعراف 54] .
وقال : الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش [الرعد 2] بقي حائرا كما يروى أن عمرو بن عبيد، قال لأبي عمرو بن العلاء: أحب أن تقرأ هذا الحرف : وكلم الله موسى تكليما؛ ليكون موسى هو الذي كلم الله، ولا يكون في الكلام دلالة على أن الله كلم أحدا، فقال له: وكيف تصنع بقوله : ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه [الأعراف 143]؟!
[ ص: 304 ] كما قال وإذا كان ألفاظ النصوص لها حرمة لا يمكن المظهر للإسلام أن يعارضها فهم يعبرون عن المعاني التي تنافيها بعبارات أخرى ابتدعوها ويكون فيها اشتباه وإجمال، فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مخالفة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم. الإمام أحمد،