وكذلك فقيل: ساحر، وقيل: مجنون، وقيل: شاعر، وقيل: كاهن، كما قيل في القرآن: إنه سحر، وإنه شعر: وإنه أساطير الأولين اكتتبها، وإنه إفك افتراه، فجعلوا القرآن عضين. أهل التكذيب بالقرآن والرسول اختلفوا فيه،
قال تبارك وتعالى: تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا [ ص: 512 ] وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا [الفرقان: 1-9]. وكذلك قال تعالى: وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا [الإسراء: 45-48]. فهم لما جحدوا الحق أرادوا أن يشبهوه ويجعلوه من جنس السحر أو الشعر أو الكذب أو غير ذلك، فكانوا ضالين لا يستطيعون مع هذا الضلال سبيلا من السبل الهادية، كالتائه عن الطريق الذي [ ص: 513 ] لا يستطيع معرفة، وهكذا أهل الجحد لمعانيه، كما قال فيهم رحمه الله: "فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجتمعون على مفارقة الكتاب" وقد قال تعالى: الإمام أحمد ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد [البقرة: 176].