قال في ( الإبانة ) بعد أن احتج بحجج كثيرة جيدة على أبو الحسن الأشعري من الكتاب والسنة والإجماع، ومقصوده الأكبر في الإبانة ذكر الحجج السمعية دون القياسية المبنية على الكلام في الجواهر والأعراض، فإنه يختصرها، فقال بعد ذلك: " ومما يدل على جواز رؤية الله بالأبصار، أنه ليس موجودا إلا وجايز أن يريناه، وإنما لا يجوز أن يرى المعدوم، فلما كان الله موجودا مثبتا كان غير مستحيل أن يرينا نفسه عز وجل، وإنما أراد من نفي الرؤية لله عز وجل بالأبصار التعطيل، فلما لم يمكنهم ذلك صراحا أظهروا ما يؤول إلى التعطيل وجحدوا الله تعالى، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا". إثبات الرؤية
قال: ومما يدل على جواز رؤية الله تعالى بالأبصار أن الله تعالى يرى الأشياء، وإذا كان للأشياء رائيا، وليس يجوز أن يرى الأشياء من لا يرى نفسه وإذا كان لنفسه رائيا فجائز أن يرينا [ ص: 318 ] نفسه، وذلك أنه من لا يعلم نفسه لا يعلم شيئا، فما كان الله تعالى عالما بالأشياء كان عالما بنفسه، فكذلك من لا يرى نفسه لا يرى الأشياء، فلما كان الله رائيا للأشياء كان رائيا لنفسه، وإذا كان رائيا لها فجائز أن يرينا نفسه كما أنه لما كان عالما بنفسه جاز أن يعلمناها، وقد قال الله عز وجل: إنني معكما أسمع وأرى [طه: 46] فأخبر أنه سمع كلامهما ويراهما، لأن العالم القادر الرائي جائز أن يرى. ومن زعم أن الله لا يرى بالأبصار يلزمه أن لا يجوز أن يكون الله عز وجل عالما ولا قادرا ولا رائيا،