وحيث ورد عنهم كان أهل هذه العبارات داخلين في ذلك؛ فإن ذلك لما أحدثه المبتدعون كثر ذم أئمة الدين لهم، وكلامهم في ذلك كثير قد صنف فيه مصنفات حتى إن أعيان هذه العبارات وأمثالها ذكرها السلف والأئمة فيما أنكروه على ذم الكلام والمتكلمين الجهمية وأهل الكلام المحدث.
وقد قدمنا ما وصفه من مذهب الإمام أحمد حيث قال: وتأول القرآن على غير تأويله وكذب بأحاديث النبي [ ص: 685 ] صلى الله عليه وسلم، وزعم أن من وصف من الله شيئا وصف به نفسه في كتابه أو حدث عنه النبي صلى الله عليه وسلم كان كافرا وكان من المشبهة؛ فأضل بشرا كثيرا وتبعه على قوله رجال من أصحاب جهم؛ وأصحاب أبي حنيفة عمرو بن عبيد بالبصرة ووضع دين الجهمية، فإذا سألهم الناس عن قول الله عز وجل: ليس كمثله شيء [الشورى 11] ما تفسيره؟
يقولون: ليس كمثله شيء من الأشياء هو تحت الأرضين السابعة، كما هو على العرش لا يخلو منه ولا هو في مكان دون مكان، ولا يتكلم ولا يكلم، ولا ينظر إليه أحد في الدنيا ولا ينظر إليه أحد في الآخرة، ولا يوصف ولا يعرف بصفة، ولا يعقل، ولا له غاية ولا [ ص: 686 ] منتهى، ولا يدرك بعقل، وهو وجه كله وهو سمع كله وهو بصر كله، وهو نور كله وهو قدرة كله، لا يوصف بصفتين مختلفتين؛ فليس له أعلى ولا أسفل، ولا نواح ولا جوانب ولا يمين ولا شمال، ولا هو خفيف ولا ثقيل، ولا له لون ولا له جسم، وليس بمعقول، وكلما خطر بقلبك أنه شيء تعرفه فالله بخلافه.