[ ص: 69 ] يقال على هذا وجوه: أحدها: أن هذا بعينه يرد في تفسيرك، حيث قلت: منور السموات والأرض بمعنى: المصلح، وهادي السموات والأرض. قوله في الوجه الثاني: "لو كان كونه نور السموات والأرض يعني هذا الضوء المحسوس لوجب ألا يكون في شيء من السموات والأرض ظلمة ألبتة. لأنه تعالى دائم لا يزول".
فإن ذلك يستلزم على قياس قولك ألا يكون فيهما شيء من الضلالة أو الظلم والفساد، فما قلته في هذا يقال في ذلك.
الثاني: أن كما سنذكره في لفظ (الحجاب). كونه نورا أو له نور، لا يوجب ظهور ذلك لكل أحد، فإنه يحتجب عن العباد،
الثالث: أن في تمام الحديث: ومعلوم أن كونه ملكا لا ينافي أن يكون من عباده من جعلهم ملوكا، ويكون ملكهم من ملكه، لا بمعنى أنه بعضه، لكن بمعنى أنه بقدرته وملكه حصل ملك العبد، وكذلك الرب والقيوم، وكذلك إذا كان هو نور السموات والأرض، لم يمنع أن يكون غيره من المخلوقات نورا، وله نور، إذا كان ذلك من نوره، بمعنى: أنه بنوره حصل ذلك. «ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ومن فيهن»
وحينئذ فهو نور السموات والأرض، ولا يجب أن يزول [ ص: 70 ] كل ظلمة، لأنه نفسه لم يحل في المخلوقات، وإنما يلزم هذا الجهمية الذين يقولون: إنه في كل مكان. كما ذكر ذلك عنهم الأئمة، وغيره، فأما أهل السنة الذين يقولون: إنه فوق العرش. فلا يلزمهم ذلك. كالإمام أحمد