وهذا يتقرر بالوجه السابع: وهو أن يقال: المراد بالغيرين إما أن يكونا ما يجوز وجود أحدهما دون الآخر أو ما يجوز العلم بأحدهما دون الآخر.
فإن كان المراد بالغيرين هو الأول لم يجب أن يكون ما فوق المشار إليه غيره إلا إذا جاز وجود أحدهما دون الآخر، وهذا ممتنع في حق الله تعالى بالاتفاق، وبأنه واجب الوجود بنفسه على ما هو عليه كما هو مقرر في موضعه.
ثم قد يقال في سائر المعاني إنه يجوز وجود أحدهما دون [ ص: 486 ] الآخر فيجوز حصول الوجود دون الوجوب أو دون الفاعلية أو دون العلم والعناية ودون كونه حيا عالما قادرا ونحو ذلك.
وإن كان المراد بالغيرين ما جاز العلم بأحدهما دون الآخر كالإحساس بأحدهما دون الآخر، كما ذكر من جوز الإشارة إلى نقطة دون ما فوقها. فيقال: لا ريب في جواز العلم ببعض المعاني الثابتة لله دون الآخر، كما قد يعلم وجوده دون وجوبه ويعلم وجوبه دون كونه فاعلا ويعلم ذلك دون العلم بكونه حيا أو عالما أو قادرا أو غير ذلك. وإذا كانت المغايرة ثابتة بهذا المعنى على كل تقدير وعند كل أحد ولا يصح وجود موجود إلا بها وإن كان واحدا محضا كان بعد هذا تسمية ذلك تركيبا أو تأليفا أو غير تركيب ولا تأليف نزاعا لفظيا يقدح في المقصود .